الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الصدقة لجهة غير الجهة التي يعمل لحسابها

السؤال

أخ مندوب لجماعة مجاهدة، لجمع المال وأحيانا تأتيه أموال بشكل غير مسمى للجهة التي يعمل لحسابها، فيقوم بدفع المال لجماعة ثانية، ويقول لهم هذه الأموال من الجماعة الأولى لأجل تأليف القلوب ( الكذب للإصلاح ).
هل يجوز فعله مع أنه يلتزم أن يكون المال للمجاهدين كما سمي حال التسمية للجهة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل حرمة الكذب، ووجوب اجتنابه، ما لم تدع إليه مصلحة شرعية معتبرة، كما نص على ذلك أهل العلم، ومنهم الإمام النووي حيث قال في كتابه المشهور "رياض الصالحين" : باب بيان ما يجوز من الكذب: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله، وأخفى ماله، وسأل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا ليس هو كاذبا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب، ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال، واستدل العلماء بجواز الكذب في هذا الحال بحديث أم كلثوم رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا. متفق عليه. زاد مسلم في رواية.. قالت: أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث، تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.

وعليه، فالأصل وجوب الصدق، إلا أن تدعو مصلحة راجحة إلى خلافه كإصلاح ذات البين، كما لو كان بين الفئتين تنافر وخصومة فيعمد إلى ما ذكر ليصلح ما بينهما، ويؤلف بين قلوبهما، فلا حرج عليه حينئذ؛ شريطة ألا يكون المتبرع قد حدد فئة يصرف إليها تبرعه، فإن عينها فلا يجوز صرفه إلى غيرها دون إذنه. ففي الحديث: إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمربه كاملاً موفرا طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين. متفق عليه.

وانظر الفتوى رقم: 9488

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني