السؤال
اقترضت مبلغا من المال من بنك الراجحي ـ فرع الأردن ـ وذلك لبناء منزل، والبارحة وخلال تصفحي لموقعكم الكريم، لفت انتباهي الفتويان رقم: 196157، ورقم: 194551، فكما ذكر الإخوة يقوم بنك الراجحي ـ فرع الأردن ـ بشراء زيت نخيل من بورصة ماليزيا للسلع بـ 10000 دينار مثلا، ومن ثم يبيعونها لي مقابل 13000 ويتم تسجيلها باسمي ويعطونني سندا بذلك، ثم أقوم بتوكيل البنك في بيع هذه السلعة على أن لا يكون المشتري البنك أو الشخص الذي اشترى منه البنك الزيت ابتداء، والبيع يكون بالسعر الحاضر ـ أي بـ 10000 دينار ـ ثم أقوم بتسديد 13000 دينار للبنك على أقساط لمدة 5 سنوات، وقال لي البنك إن لي حرية التصرف بالزيت عند شرائه ـ أي أنه يمكنني أن أشحنه إلى الأردن إذا أردت ـ وما أثار ريبتي أمران: أولا: أنه على أرض الواقع لا يمكنني أن أقوم ببيع الزيت بنفسي وأنه لكي أقوم ببيع الزيت للاستفادة من ثمنه، فالحل الوحيد أمامي هو توكيل بنك الراحجي ببيعه، والأمر الآخر: بات عرف الجميع أنه سيتم توكيل البنك ببيع السلعة ـ زيت النخيل ـ ويقول البنك إن الهيئة الشرعية في السعودية قد أجازت معاملاته، وسؤالي هو: هل المعاملة المذكورة جائزة؟ وإن لم تكن كذلك، فهل علي أن أعيد ما بقي لدي من مبلغ للبنك؟ أم أن التوبة النصوح تكفي، ويمكنني استخدام المبلغ الذي اقترضته لبناء البيت؟ وما يقلقني أنني لا أريد أن يكون بيتي بني على باطل.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة مع البنك تعرف بالمرابحة للآمر بالشراء، وقد بينا شروط صحة بيع المرابحة للآمر بالشراء في عدد من الفتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 1608، 3521، 9670، 139582، 120690، فراجعها للفائدة.
فإن كان الغرض من شراء السلعة هو بيعها للحصول على النقد، فهذا يسمى تورقا، وهو جائز بشروطه التي بينها في عدد من الفتاوى مثل الفتاوى التالية أرقامها: 2819، 194551، 196157.
أما بخصوص المعاملة التي سألت عنها: فالذي يظهر أنها غير جائزة، فإن بورصة زيت النخيل قد وضعت بعض الإجراءات التي تجعل من غير المتصور أن يشتري شخص زيت النخيل عن طريق البورصة بهدف تملكه والانتفاع به، وقد بينا في الفتوى رقم: 155063، أن كون المشتري يحق له التصرف بنفسه وبيع السلعة لمن شاء أو الانتفاع بها مع جريان عرف العمل بغير ذلك يعتبر مجرد حبر على ورق لا قيمة له.
كما يرد على هذه المعاملة مسألة بيع الطعام قبل قبضه، وذلك لأن جميع الأطراف يشترون زيت النخيل ثم يبيعونه مع بقائه في مستودعات الموردين، وفي هذا ما فيه من عدم القبض والحيازة، وإن كان البعض قد يدفع هذا بقوله إن المبيع يفرز ويميز عن غيره فيكون قبضا حكميا وإن بقي في مخازن البائع، لكن تحقق ذلك وتحقق الشروط التي اشترطها العلماء في مثل هذا القبض لا تكاد تتصور في عمليات البيع والشراء الهائلة في البورصة، وراجع الفتوى رقم: 171383.
ومعلوم أنه لا يصح بيع الطعام قبل قبضه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع طعاماً، فلا يبعه حتى يقبضه. رواه الشيخان.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن من اشترى طعاماً فليس له بيعه حتى يستوفيه.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 7551، 13996، 35754.
لكن ما دام للبنك الذي أخذت منه تمويلا هيئة شرعية يوثق بها علما وورعا، وأفتوك بجواز معاملة البنك في التورق الذي يجريه، فلا حرج عليك في تقليدهم في ذلك، ولو ظهر لك بعد ذلك أن من العلماء من يحرمها، لأن مذهب العامي هو مذهب من يفتيه من أهل العلم، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
ونتيجة السؤال العمل، فإذا عمل بالفتوى لم يكن عليه إثم فيما فعل ولو كانت الفتوى ليست صوابا، أو كان الحكم مختلفا فيه بين قائل بالتحريم وآخر بالإباحة، وقد بينا ذلك في عدد من الفتاوى، منها الفتوى رقم: 194849.
والله أعلم.