الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذم قول: أنا من البلد الفلاني وأفتخر

السؤال

ذكر في هذه الفتوى ما يلي:
السؤال: ما حكم الافتخار بالأوطان، مثلاً سعودي وأفتخر. وما ضوابطها إن وجدت؟
الإجابــة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حب المرء البلد الذي نشأ فيه، أمر مركوز في أصل فطرة الإنسان، روى الحاكم في المستدرك، والطبراني في معجمه الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان. عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمكة: ما أطيبك، وأحبك إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك.
فلا حرج في أن يفتخر المسلم ببلده المسلم، بشرط أن لا يكون ذلك على سبيل الحمية والعصبية، بحيث ينتقص أوطان إخوانه من المسلمين، فإن هذا سبيل من سبل انتشار الشر والفساد.
مشايخنا الأفاضل: إن كان الفخر له ضوابط ومقومات, فإن من الأولى أن قول “سعودي وأفتخر“ أو أي جنسية كانت مدعاة للكبر. فكما نعلم أن الفخر بشكل عام مدعاة للكبر.
في الحديث قال لمكة: ما أطيبك وأحبك إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك. فلا يدل هذا الحديث إلا على مقدار الحب للوطن. والحب والاعتزاز بالوطن شيء، والفخر شيء آخر تمامًا.
في قولكم: فلا حرج في أن يفتخر المسلم ببلده المسلم بشرط أن لا يكون ذلك على سبيل الحمية والعصبية، بحيث ينتقص أوطان إخوانه من المسلمين.
إن تفشت هذه المقولات. فما الذي سيحدث؟ فكيف تنفي الحرج عن المقولة بشرط الحمية والعصبية, وأصل الحمية والعصبية قائم بمجرد ذكر البلد! بسبب قول الشخص على سبيل المثال“سوري وأفتخر“ في زمن كثرت فيه وسائل التواصل كالنت وغيره من ترحال.. إلخ. سيكون مدعاة أكيدة للعصبية والحمية. فعندما يقول هو هذه المقولة, آخر سيفتخر بموطنه, وهكذا. فالأولى ترك الفخر عمومًا إلا في مواطن.
وعن تجربة هذه المقولات مدعاة لعصبيات وحميات, تفشت وأصبحت جدًا سيئة.
إن كان عمر- رضي الله عنه- لم يفتخر ولم يذكر حتى كلمة فخر عندما قال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام.. فلم يذكرها في الإسلام فكيف لنا أن نذكرها في مواطن أقل دونًا! فالعزة والفخر ليسا شيئًا واحد.
أرجو التنبه لهذا الشيء.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالفتوى التي أشار إليها الأخ السائل، نظرت إلى المعنى الذي قصده قائل العبارة من التعبير عن حبه لوطنه المسلم وإعجابه به. ولم تنظر إلى الظاهر من معنى لفظ " أفتخر " وما يتضمنه من التعاظم والتباهي. وسبقت لنا عدة فتاوى بشأن الفخر والتفاخر وبينا فيها أنه خلق مذموم، فيمكنك مراجعة الفتوى رقم: 137861 ، والفتوى رقم: 48287.

وينبغي للمسلم أن يذكر عبارة " ولا فخر " بدلا من " وأفتخر " كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ففي سنن الترمذي وسنن ابن ماجه عن أبي سعيد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد، ولا فخر. وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، ولا فخر.... الحديث.

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: أي ولا أقوله تفاخرا، بل اعتدادا بفضله، وتحدثا بنعمته، وتبليغا لما أمرت به .... اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني