السؤال
أنا فتاة في العشرين من العمر, منذ بضعة أشهر أحببت شابًا في نفس عمري - كنت أعرفه من أيام الدراسة - وهو شاب مخلص لدينه, واعتمر مرتين منذ عامين أو ثلاثة, فأصبحنا نتهاتف كثيرًا ونتحاب؛ حتى طلب رؤيتي, وأنا لم أقبل, لكنه أخذ موقفًا مني, وأصر حتى التقينا, وقد اجتنبت تقبيله رغم إصراره, غير أنني منذ اللقاء الثاني لم أعد أتمالك نفسي وتركته يقبلني ويلمس يدي ووجهي فقط, وهو يقول بأني زوجته المستقبلية - بإذن الله - وأنا فتاة مواظبة جدًّا على دينها - أصلي وأصوم وأقرأ القرآن كثيرًا - ولا أريد الوقوع في الحرام, وواللهِ إني كنت أحسب أن ما فعلته سيئة أتحاسب عليها, لكني منذ أيام فقط اكتشفت في أحد المواقع أن هذا الشيء داخل في الزنا, وهو حرام, فأرجو منكم أن تبينوا لي مدى صدق هذا, وإلى أي مدى تعتبر هذه العلاقة من أنواع الزنا, فبعد أن قرأت تبت, وقررت أن أخبره عندما يهاتفني بكل ما يدور في رأسي, وبأني لن ألتقي به مجددًا, لكني أردت أن أعرف إذا قال لي بأنه يريدني حقًّا للزواج, وأنا أيضًا أتمنى أن يكون زوجي مثله, فهل يمكننا البقاء على اتصال عن طريق الهاتف أحيانًا؟ وهل أبقى على صلة به أم أقطعه؟ فنحن لا زلنا صغارًا, ولن نتزوج قبل ثلاث سنوات أو أربع, فماذا أفعل معه؟ وأخبروني كيف يمكنني أن أكفر عن ذنبي؟ وماذا أفعل؟ وإلى أي مدى يمكن لعلاقة بريئة أن تدخل في نطاق الحرام؟ وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تتوبي إلى الله جل وعلا مما صدر منك، وذلك بالندم والاستغفار، والإقلاع عنه، وعقد العزم على عدم الأوبة إلى هذا المحرم، ولا يحل لك إقامة أية علاقة بهذا الرجل الأجنبي عنك، سواء باتصال أم بغيره، حتى لو أخبرك برغبته في الزواج، بل حتى لو خطبك، فإن الخاطب أجنبي عن المخطوبة حتى يعقد عليها؛ فعليك أن تقطعي جميع أنواع العلاقة بهذا الرجل، واعلمي أن الشيطان يغوي الإنسان خطوة خطوة حتى يرديه في الموبقات.
والتقبيل والمس ليسا من الزنا الحقيقي، فإن الزنا الحقيقي الذي يوجب الحد هو الوطء في فرج أجنبية، لكن التقبيل والمس من الزنا المجازي, ومن مقدمات وأسباب الوقوع في الزنا الحقيقي، كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. وهذا لفظ مسلم. قال النووي: معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيبه من الزنى, فمنهم من يكون زناه حقيقيًا بإدخال الفرج في الفرج الحرام, ومنهم من يكون زناه مجازًا بالنظر الحرام, أو الاستماع إلى الزنى, وما يتعلق بتحصيله, أو بالمس باليد, بأن يمس أجنبية بيده, أو يقبلها, أو بالمشي بالرجل إلى الزنى, أو النظر, أو اللمس, أو الحديث الحرام مع أجنبية, ونحو ذلك, أو بالفكر بالقلب, فكل هذه أنواع من الزنى المجازي. اهـ.
ويجب عليك التوبة إلى الله جل وعلا مما بدر منك - كما قدمنا - وليست هنا كفارة خاصة لذلك، لكن الأعمال الصالحة عمومًا - كالصلاة, والصدقة, وغيرها - مكفرة للذنوب، فقد أخرج الشيخان عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله, إني عالجت امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا، فاقض فيّ ما شئت، فقال له عمر: لقد سترك الله، لو سترت نفسك، قال: فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فقام الرجل فانطلق، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا دعاه، وتلا عليه هذه الآية: أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}، فقال رجل من القوم: يا نبي الله؛ هذا له خاصة؟ قال: "بل للناس كافة".
وراجعي للفائدة الفتاوى: 5450 134264 107349.
والله أعلم.