السؤال
أنا إنسانة مصابة بالوساوس، ولله الحمد على كل حال، أحاول ردعها رغم استفحالها، بعد أن كانت حلاوة الإيمان كبيرة في قلبي، لدرجة أني كنت أتمنى، ولا زلت أتمنى، كل عمل يؤدي بي، وبأهلي للشهادة في سبيل الله عز وجل. أسأل الله الشفاء لي، ولكل المسلمين.
ومشكلتي الآن هي شكي في صحة زواجي من زوايا مختلفة وهي كالتالي:
الولي: أبي لم يكن مواظبا على الصلاة، والزكاة، يصلي تارة ويقطع تارة أخرى. وسمعته أحيانا أثناء غضب حاد يلعن الدين، والله، لكنه صلى، وصام بعدها، وأظنه ندم على ذلك، وأعلم أنه غير معذور بجهله الحكم في هذه المسألة، علما أني سألته يوما ما، فقال لي أنا لا أسب الله. ماذا تقولين؟ حيث لن يقبل أن نعتقد أنه غير مسلم، وهو للأسف من الناس الذين لا يعرفون من الدين غير أركان الإسلام وهم كثيرون في المجتمع الأمازيغي، والمغربي، لكني لا أتذكر أكان يصلي وقت عقد قراني.
صيغة الإيجاب والقبول: شيخ الإسلام يرى أن الزواج صحيح بما هو عرف أهل البلد، ونحن في المغرب لدينا العادة هي: الذهاب لمكتب العدول المصرح به من طرف محكمة الأسرة، يطلب من الجهتين المعلومات الشخصية، ومقدار المهر.... فنقرأ العقد كلنا، ونمضي عليه بموافقة الولي، والزوج، والزوجة، والعدلين، ويتم الإشهار والعرس في نفس الليلة.
المشكلة أنه لم تكن صيغة إيجاب ولا قبول، وزوجي وقع على عقد مكتوب بالعربية وهو غير قارئ لها لكونه مسلما وابن مسلم مهاجر في فرنسا.
بعد علمي وشكي في صحة زواجي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعقد المذكور صحيح -إن شاء الله- سواء من جهة شرط الولي، أو الصيغة.
أما من جهة الوليّ: فلأن الولي مسلم إن شاء الله؛ لأن ردته إن ثبت وقوعها، فقد صلى بعدها، وإذا صلى المرتد حكمنا بإسلامه، وهو قول جماهير أهل العلم كما بيناه في الفتوى رقم: 188919. وأما من يصلي أحيانا، ويترك أحيانا تكاسلا، فهذا مسلم فاسق عند أكثر الفقهاء، كما بيناه في الفتوى رقم: 103984. وأدلتهم عرضناها في الفتوى رقم: 68656.
مع أن فسق الولي بترك الصلاة أحيانا، لا يسقط ولايته في الإنكاح عند جمهور الفقهاء، كما أوضحناه في الفتوى رقم:69494 وأما من جهة الصيغة: فالصحيح أن النكاح ينعقد بما تعارف الناس عليه من الأقوال، والأفعال، وجرت عوائدهم عليه، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: فَصْلٌ: وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ، وَلَفْظٍ، وَفِعْلٍ كَانَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ. وَالشَّرْطُ بَيْنَ النَّاسِ مَا عَدُّوهُ شَرْطًا. اهـ من الفتاوى الكبرى المصرية.
وقد بينا في الفتوى رقم: 99985 وجه صحة عقد النكاح في صورة مماثلة لما جاء في السؤال، فانظريها للأهمية.
مع العلم أنه يصح تولي ممثل مكتب العدل طرفي عقد النكاح نيابة عن الولي، والزوج بحضرة الشهود كما بيناه في الفتويين:240565، 43643.
والجمهور على عدم اشتراط الترتيب بين الإيجاب والقبول، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 95138.
وبناء على ما سبق، فلا إشكال في صحة هذا العقد إن شاء الله.
وأخيرا نسأل الله لك السعادة، والطمأنينة، والسلامة من الوساوس والشكوك، وننصحك بالرجوع إلى الفتوى رقم: 51601. لمعرفة أسباب وعلاج ما أصابك من الوساوس .
والله أعلم.