السؤال
أنا معاق إعاقة حركية، بنسبة 80 في المائة، ومصاب بداء السكري، كنت موظفًا كتقني سامي، في الإعلام الآلي، بأجر، وكنت قد امتلكت بيتًا تساهميًا، لم أسلم مفاتيحه بعد، بمبلغ 280 مليون سنتيم، وسلمت القسط الأول المقدر بـ 90 مليون سنتيم، ثم أوقفتني الإدارة بسبب الإضراب عن العمل، واتهمتني زورًا بتخريب شبكة المعلومات، وكنت حينها مسؤولًا عن الإضراب، ولم أكن مسؤولًا عن خلية الإعلام الآلي، ثم سدد عني الصندوق الوطني للسكن مبلغ 70 مليون سنتيم، وكانت هناك مساعدة أخرى لم أتمكن منها؛ لعدم امتلاكي لشهادة العمل، وشهادة الأجر بعد توقيفي عن العمل، وبقي عليّ دين بمبلغ 120 مليون سنتيم، ولم أجد أي باب حتى أستدين منه لإكمال مبلغ السكن، فهل يمكنني أن أسأل الناس حتى أكمل ما تبقى من دين السكن؟ مع العلم أني في الوضعية الحالية لا يمكنني أن أعمل في أي منصب، وهذا لخوفي من أن تلفق لي تهمة أخرى من المسؤول الجديد، وباقي المبلغ أكمل سداده عن طريق البنك -بارك الله فيكم-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تجد وفاء لدينك، ولا تقدر على الكسب، فيجوز لك سؤال الناس؛ فإن محل النهي عن سؤال الناس، هو سؤالهم لغير ضرورة، أو حاجة.
وأما المحتاج، فيجوز له السؤال، كما جاء في حديث سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانًا، أو في أمر لا بد منه. أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان. وقال النووي في شرح مسلم: مقصود الباب -باب النهي عن المسألة -وأحاديثه، النهي عن السؤال، واتفق العلماء عليه إذا لم تكن ضرورة. اهـ.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: يجوز سؤال الناس شيئًا من المال للمحتاج الذي لا يجد ما يكفيه، ولا يقدر على التكسب، فيسأل الناس مقدار ما يسد حاجته فقط، وأما غير المحتاج، أو المحتاج الذي يقدر على التكسب، فلا يجوز له المسألة، وما يأخذه من الناس في هذه الحالة حرام عليه. اهـ.
وكذلك، فإن المدين العاجز عن وفاء دينه، يحل له الأخذ من الزكاة، فيحل له سؤالها. جاء في المغني لابن قدامة -في ذكر المستحقين للزكاة -: (والغارمين) وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة، ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم، لكن إن غرم في معصية، مثل أن يشتري خمرًا، أو يصرفه في زناء، أو قمار، أو غناء، ونحوه، لم يدفع إليه قبل التوبة شيء؛ لأنه إعانة على المعصية. اهـ.
وفي كشاف القناع للبهوتي: (وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ) قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ مِنْ زَكَاةٍ، وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ, وَكَفَّارَةٍ, وَنَذْرٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: {لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ} وَلأَنَّهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ (وَيَحْرُمُ السُّؤَالُ) أَيْ سُؤَالُ الزَّكَاةِ، أَوْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ, أَوْ الْكَفَّارَةِ، وَنَحْوِهَا (وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ) أَيْ يَكْفِيهِ; لأَنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُمَا إذَنْ، وَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ. اهـ. باختصار.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 150749. وأما عن الاقتراض من البنك لسداد الدين فانظر الفتوى: 48727.
والله أعلم.