الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول (حل عن ربي) رؤية شرعية أدبية

السؤال

ما حكم من قال كلمة: حل عن ربي/ ‏ديني سماي/ عند الغضب، دون قصد ‏الإساءة، أو سب الذات الإلهية؟
‎ ‎وهل هذا الكلام ردة عن الإسلام؟ ‏وإذا كان ردة. فهل يذهب كل الثواب ‏الذي عمله قائلها في حياته، حتى إذا ‏تاب بعد ذلك أي الثواب قبل التلفظ ‏بهذه الكلمة (قال أحدهم للآخر قل ‏لفلان أن يحل عن ربي، فقال الآخر ‏متعجبا يحل عن ربك!!! دون قصد ‏أن يقولها من تلقاء نفسه.‏
‏ فهل يعتبر الثاني مرتدا أو كافرا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فينبغي للإنسان أن يصون لسانه عن قول ما لا يرضي الله عز وجل، وأن يتريث عند الكلام، ويختار من الألفاظ، والعبارات ما يفهم منه مراده، دون اللجوء إلى ما يؤدى لمعان، ومفاهيم مخالفة للشرع، وفي الغالب لا يكون الشخص يقصد ذلك عند حديثه، لكن عند إطلاقه لتلك العبارات الدارجة على ألسنة بعض الناس، دون تروٍ، أو تدبر في معانيها، يقع في المحظور دون علم.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إطلاق الكلام على عواهنه، وبين خطورة الكلمة التي لا يلقي لها المرء بالا، حيث قال -كما في صحيح البخاري، وغيره-: وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم. وقال أيضا -عليه الصلاة والسلام-: إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار، أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه مسلم.

قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث الأخير: معناه لا يتدبرها، ويفكر في قبحها، ولا يخاف ما يترتب عليها، وهذا كالكلمة عند السلطان، وغيره من الولاة، وكالكلمة تقذف، أو معناه كالكلمة التي يترتب عليها إضرار مسلم، ونحو ذلك. وهذا كله حث على حفظ اللسان، كما قال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله، واليوم الآخر؛ فليقل خيرا، أو ليصمت. وينبغي لمن أراد النطق بكلمة، أو كلام، أن يتدبره في نفسه قبل نطقه، فإن ظهرت مصلحته تكلم وإلا أمسك. اهـ.

وبناء على ما تقدم، فإنه على المرء تجنب مثل تلك العبارات المشار إليها في السؤال، إذ أقل ما يقال عنها إن فيها سوء أدب مع الله تعالى، ولا تليق أبدا بجنابه عز وجل، خاصة العبارة الأولى، والمغضب قد يقول: حل عني، أو حل عن رأسي، ولا وجه لذكر الله تعالى هنا، فالله أعظم من أن يذكر في عبارة كهذه لتنفيس الغضب. إلا أنها -مع ذلك- ليست من العبارات الكفرية، المخرجة من الملة؛ لأنه ليس فيها سب، أو سخرية، أو استهزاء بالذات الإلهية، أو بالدين - بحسب ما فهمنا منها- ومع ذلك يتعين تجنبها لما قدمنا.

وإذا كان ناقل الكفر، أو حاكيه ليس بكافر، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 45316 فمن باب أولى أن من حكى مثل تلك العبارات متعجبا، ومستنكرا على من قالها، ليس كافرا بحكايتها.

أما سؤالك عن كون الردة تحبط أجر جميع أعمال العبد السابقة عليها، فالجواب أن في ذلك خلافا، فصلناه في الفتوى رقم: 37185 فراجعها. وراجع أيضا -لمزيد الفائدة- الفتاوى التالية أرقامها: 36710 -129105 -75396 -44549

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني