الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة إسقاط الدين واعتباره زكاة

السؤال

سؤالي عن الزكاة: لدي صديق مسافر خارج البلد، وكلفني أن أدفع عنه مبلغا من المال كصدقة للفقراء، فقمت بدفع المبلغ من مالي الخاص على أن يعطيني المبلغ لاحقا، وبعد فتره أخبرني أنه لا توجد طريقة لإرسال المال إلي من البلد الذي يعيش فيه، فهل أستطيع أن أعتبر هذا المبلغ زكاة عن أموالي أو يمكن أن أعتبره صدقة مني للفقراء؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمال الذي دفعته عن صديقك صار دينا لك عليه، وقولك هل تستطيع أن تعتبره زكاة، إن كنت تعني أنك تسقط الدين الذي لك عليه مقابل زكاة مالك على اعتبار أنه زكاة دفعتها لصديقك المدين، فإن إسقاط الدين عنه واعتباره زكاة فيه خلاف بين الفقهاء، والجمهور على منعه، جاء في الموسوعة الفقهية: الإْخْرَاجُ بِإِسْقَاطِ الْمُزَكِّي دَيْنَهُ عَنْ مُسْتَحِقٍّ لِلزَّكَاةِ: لاَ يَجُوزُ لِلدَّائِنِ أَنْ يُسْقِطَ دَيْنَهُ عَنْ مَدِينِهِ الْفَقِيرِ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَسُدُّ بِهِ دَيْنَهُ وَيَحْسِبَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الزَّكَاةِ، وَبِهَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ مَا عَدَا أَشْهَبَ، وَهُوَ الأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل أَبِي عُبَيْدٍ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الزَّكَاةَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ يَجُوزُ لِلإْنْسَانِ أَنْ يَصْرِفَهَا إِلَى نَفْعِ نَفْسِهِ أَوْ إِحْيَاءِ مَالِهِ، وَاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ: إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ، لأِنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ زَكَاتَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ عَنْ دَيْنِهِ جَازَ، فَكَذَا هَذَا. اهـ.

فعلى قول الجمهور لا يجوز أن تحسب ذلك الدين الذي لك على صديقك زكاةً، وهذا هو المفتى به عندنا وهو الأحوط والأبرأ لذمتك، وإذا لم يكن صديقك مصرفا للزكاة لغناه فإنه لا يصح ـ اتفاقا بين أهل العلم ـ حساب الدين الذين عليه زكاة، ويمكنك أن تسقط دينك عليه، وتنوي به صدقة غير واجبة عليك، ويكون لك أجرها ـ إن شاء الله تعالى ـ .

وأما إن كنت تعني بقولك: هل تستطيع أن تعتبره زكاة ـ أنك تسقط الدين الذي لك عليه على اعتبار أنه زكاة لذلك الفقير الذي أعطيته المال عن صديقك، فهذا لا يجوز، لأن ذلك المال وقع زكاة عن صديقك، فلا يجوز احتسابه زكاة عن مالك، وانظر الفتوى رقم: 27006، عن مصارف الزكاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني