الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة بالمال في برنامج ثقافي يشتمل على موسيقى

السؤال

أنا طالبة جامعية، أرادت الدفعة عمل برنامج ثقافي، وهو لا يخلو من أشعار، وموسيقى وغيره. وتم فرض مبلغ معين على كل طالب من الدفعة.
فهل إذا دفعت لهم، أكون قد شاركت في الإثم حتى ولو كان ما دفعته سيكون للمأكولات؟
وكيف يكون الرد عليهم؟
هل أتبرع لهم حتى ولو كان الغالب على البرنامج أشياء غير لائقة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك لمرضاته، ولا يخفى أن الموسيقى، ونحوها من المعازف، محرمة، كما دلت على ذلك النصوص، وإجماع العلماء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 5282.

فالبرنامج المشتمل على الموسيقى، لا ينبغي دعمه، ولا المشاركة فيه بأي شكل من الأشكال، إذ من الأمور المقررة في الشرع، أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.

وإن كان المبلغ المدفوع لدعم جميع فقرات البرامج -ومنها الموسيقى- فالمنع منه ظاهر؛ لأنه حينئذ إعانة مباشرة على المحرم.

وإما إن كان المبلغ ليس فيه إعانة مباشرة على الموسيقى، وكان المبلغ يصرف في أمر آخر متعلق بالبرنامج -كالمأكولات، ونحوها للحضور- فهو أخف شأنا من الإعانة المباشرة، لكنه لا يخلو أيضا من نوع إعانة، لذا فالأسلم هو اجتنابه أيضا.

قال ابن تيمية -في كلامه عن أعياد الكفار-: وأما ما ينتفعون به في أعيادهم للأكل، والشرب، واللباس، فأصول أحمد، وغيره تقتضي كراهته -يعني: كراهة بيعه-، لكن كراهة تحريم كمذهب مالك، أو كراهة تنزيه؟ والأشبه أنه كراهة تحريم، كسائر النظائر عنده، فإنه لا يُجوّز بيع الخبز، واللحم، والرياحين للفساق الذين يشربون عليها الخمر، ولأن هذه الإعانة تفضي إلى إظهار الدين ـ أي: الدين الباطل ـ وكثرة اجتماع الناس لعيدهم، وظهوره، وهذا أعظم من إعانة شخص معين. اهـ.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد ـ عيد الحب ـ أو غيره من الأعياد المحرمة، بأي شيء من أكل، أو شرب، أو بيع، أو شراء، أو صناعة، أو هدية، أو مراسلة، أو إعلان، أو غير ذلك؛ لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان، ومعصية الله ورسوله، والله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. اهـ.

فنوصيك بالامتناع عن المشاركة في دعم البرنامج مطلقا، ما دام مشتملا على موسيقى، أو غيرها من المحاذير الشرعية، وأن تشترطي للمشاركة في دعم البرنامج، خلوه من المحاذير الشرعية، والاعتذار للقائمين على البرنامج ببيان حرمة ذلك، وأن امتناعك ليس بُخلا منك، وإنما لتقي نفسك إثم المشاركة في المنكرات الموجودة في البرنامج.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 100418.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني