الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعانة على الإثم والعدوان.. أقسامه.. وحكم كل قسم

السؤال

هناك شيئين لا أستطيع الجمع بينها, وأريد توضيحا لهما من فضلكم...
قرأت أنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا، فمثلا قرأت في إحدى الفتاوى هنا علي هذا الموقع ما نصه: "فإذا كان عمل هذا الطالب في الشركة فيما هو مباح ولا صلة له بمباشرة الحرام أو الإعانة عليه: فلا حرج فيه، وربط شبكة موحدة للمحلات التجارية الصغيرة من أجل رفع القدرة التنافسية لتلك المحلات في مواجهة المحلات الكبيرة: لا بأس به، ولا يؤثر في ذلك كون بعض تلك المحلات قد تبيع الخمور أو تمارس نشاطًا محرمًا ضمن أنشطتها؛ لأن ذلك غير مقصود، ويصح تبعًا ما لا يصح استقلالًا، كما في القواعد الشرعية، إلا أن تكون هي الغالبة المقصودة بذلك فيحرم العمل فيما يتصل بها"
وما أقصده تحديدا من ذلك النص هو: "...لأن ذلك غير مقصود، ويصح تبعًا ما لا يصح استقلالًا"
وعندما طلبت منكم فتوى عن حكم مساعدتي لشخص في شراء هاتف, أو إصلاحه له, مع علمي أو غالب ظني أنه سيستعمله في تهنئة النصارى في أعيادهم, أحلتموني إلى فتاوى, فهمت من هذه الإحالات أن هذا لا يجوز.
فالسؤال هنا, إذا طبقنا ما في المثال الأول علي ما في المثال الثاني, فكيف الجمع بينهما؟
بمعنى أنه أليس في المثال الثاني أيضا (كما في المثال الأول), فإن ذلك غير مقصود، ويصح تبعًا ما لا يصح استقلالًا؟
أيصح أن أقول أني حين أساعد هذا الشخص الذي في المثال الثاني في شراء هاتف, لا أقصد أن أساعده في هذه التهنئة للنصارى في أعيادهم (فهذا غير مقصود كما في المثال الأول)؟ وأن استعماله في هذه التهنئة ليست هي الغالبة المقصودة (كما في المثال الأول)؟ وأنه هنا تنطبق قاعدة يصح تبعًا ما لا يصح استقلالًا؟
شكرا جزيلا، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحكم مساعدتك لمن يريد شراء هاتف أو إصلاحه له لا حرج فيه ما دام يريده لما هو مباح ولو مع علمك أنه سيهنئ منه غير المسلم في عيده لو جاءت مناسبة ذلك وهو بيده؛ لأن ذلك غير مقصود من الهاتف بل قد يكون وقد لا يكون، ولو كان فإثمه عليه لا عليك, وليس ما تقوم به من الإعانة المحرمة لأنها إعانة غير مباشرة ولا مقصودة: فلا تحرم.

وموضوع ضابط الإعانة على الإثم والعدوان، كان محل بحث طويل، ومناقشات بين أعضاء مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته الخامسة التي انعقدت بالبحرين سنة 1428هـ. وكان خلاصة ما توصلوا إليه أن الإعانة على الإثم والعدوان أربعة أقسام: 1- مباشرة مقصودة: كمن أعطى آخر خمرًا بنية إعانته على شربها. 2- مباشرة غير مقصودة: ومنه بيع المحرمات التي ليس لها استعمال مباح؛ إذا لم ينو إعانتهم على استعمالها المحرم. 3- مقصودة غير مباشرة: كمن أعطى آخر درهمًا ليشتري به خمرًا، ومنه القتل بالتسبب. 4- غير مباشرة، ولا مقصودة: كمن باع ما يستعمل في الحلال والحرام، ولم ينو إعانة مستعمليه في الحرام، وكمن أعطى آخر درهمًا لا ليشتري به خمرًا، فإن اشترى به خمرًا وشربه، فلا إثم على من أعطاه الدرهم، طالما لم ينو به إعانته على المحرم، ومن هذا القسم الرابع البيع والشراء، والإجارة من المشركين، وفساق المسلمين، والتصدق عليهم بالمال. وقد كان قرار المجمع تحريم الأنواع الثلاثة الأولى، وإباحة القسم الرابع، وهو ما ليس مباشرًا، ولا مقصودًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني