الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تناول الحشيش لكونه يسكر، ولتحقق ضرره على المرء في بدنه، وراجع الفتوى رقم: 17651، والفتوى رقم: 1994
ولذا؛ يلزم أن تجاهد نفسك في التخلي عن الحشيش، وجميع المعاصي.
وأما عن الصلاة: فلا شك في فضلها، وأن من ثوابها تكفير السيئات، وراجع الفتوى رقم: 66225، ولكن هذا التكفير يراد به الصغائر، ولا يدخل فيه الحشيش؛ لأنه من الكبائر على الراجح.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى عن الحشيشة: أول ما بلغنا أنها ظهرت بين المسلمين في أواخر المائة السادسة، وأوائل السابعة، حيث ظهرت دولة التتر. ومن الناس من يقول: إنها تغير العقل، فلا تسكر كالبنج، وليس كذلك، بل تورث نشوة ولذة، وطربا كالخمر، وهذا هو الداعي إلى تناولها، وقليلها يدعو إلى كثيرها كالشراب المسكر، والمعتاد لها يصعب عليه فطامه عنها أكثر من الخمر، فضررها من بعض الوجوه أعظم من الخمر، ولهذا قال الفقهاء: إنه يجب فيها الحد كما يجب في الخمر. انتهـى.
وقد تكلم أهل العلم على تكفير الكبائر، فذكروا أنها لا تكفرها الصلاة، بل لا بد فيها من التوبة. فإن لم توجد صغائر، فربما يخفف عن مرتكبها.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قال النووي في شرح مسلم، في شرح حديث: ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة.
معناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر، فإنها لا تغفر، وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة، فإن كانت لا يغفر شيء من الصغائر، فإن هذا وإن كان محتملا فسياق الحديث يأباه.
قال القاضي عياض: هذا المذكور في الحديث من غفر الذنوب ما لم يؤت كبيرة، هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما يكفرها التوبة، أو رحمة الله تعالى وفضله. وقال القارئ في المرقاة: إن الكبيرة لا يكفرها الصلاة، والصوم، وكذا الحج، وإنما يكفرها التوبة الصحيحة لا غيرها. نقل ابن عبد البر الإجماع عليه ...انتهى.
قال العلامة الشيخ محمد طاهر في مجمع البحار، ما لفظه: في تعليقي للترمذي لا بد في حقوق الناس من القصاص ولو صغيرة، وفي الكبائر من التوبة، ثم ورد وعد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة، ورمضان فإذا تكرر يغفر بأولها الصغائر، وبالبواقي يخفف عن الكبائر وإن لم يصادف صغيرة، ولا كبيرة يرفع بها الدرجات. انتهى. اهـ.
وأما عن صلاتك: فإن الصلاة يشترط لها العقل، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ{النساء:43}. فمن تعاطى المخدرات ووصل إلى مرحلة السكر حتى لا يعلم ما يقول، فلا يجوز له أداء الصلاة، ولا تجزئ عنه إن فعلها، فإن أفاق وتوضأ وصلى، أجزأت عنه، ولكنه لا يثاب عليها حتى يتوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب، تاب الله عليه ... الحديث. رواه أحمد والترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 67531، 24603، 17056، 59470
وأما الخوف من النفاق، فهو مؤشر خير، ما لم يحمل على القنوط من رحمة الله أو الوسوسة؛ فإنه ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق. كما قال الحسن البصري، وقد كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يسأل حذيفة بن اليمان فيقول: هل عدني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ فيقول: لا.
وقال البخاري -رحمه الله-: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا»، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ" وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: "مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ." اهـ.
والله أعلم.