الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأحق بالولاية في مال الصغير

السؤال

عندى استفسار عن مشكلة، وأرجو مساعدتي، وجزاكم الله كل خير.
توفي أخي منذ خمس سنوات، وكانت زوجته حاملا، وحدثت بعد الوفاة مشاكل كثيرة جدًا بيننا وبين أرملته. من أهمها خلاف على حقها في قائمة المنقولات؛ لأن أخي لم يكن قد أثث بيته بعد، وخلافات على شقته الورث، ثم خلافات أخرى على مصاريف البنت (كانت تريد أن تأخذ معاش البنت(300 جنيه) وتصرف بنفسها في حين أن أبي وأمي كانوا يشترون لها أسبوعيا احتياجات البنت).
المشاكل وصلت لحد أنها رفعت قضية لأخذ الوصاية من والدي(جد البنت)، وأخذتها بالفعل، وذلك عن طريق اتهامه زورًا بنهب أموال القاصر في حين أن المبلغ المتبقي من الميراث (مكافأة نهاية الخدمة، وثمن ممتلكات أخي فى الخارج) الذى لم يتم توزيعه، كان محتفظا به لأجل حل مشكلة القائمة، وتحت حساب باقي أقساط ومصاريف الشقة الورث. وتم إبلاغها به بالتفصيل. أي أنه لم يكن هناك نية لإخفائه أو الاستيلاء عليه.
رفضت بعدها أن ترينا البنت، ورفعنا قضية رؤية، وبعد الحكم نرى البنت منذ حوالي سنتين لمدة ساعتين أسبوعيًا في نادٍ معين بحكم القانون. ثم مرضت أمي مؤخرًا، وأحيانا يكون المشوار لأجل رؤية حفيدتها مرهقا.
فبعثنا لها مرسالا باقتراح أن نتقابل في مكتب محامٍ، وتأخذ حقوقها، وتمضي باستلامها، وفي نفس الوقت تمضي على تعهد بإرسال البنت لبيت جدها وجدتها مرة في الأسبوع.
كان ردها أن الوضع الأمثل لرؤية البنت هو الوضع الحالي في النادي إلا إذا وصلت جدتها لحالة صحية صعبة لدرجة أنها لا تستطيع النزول من البيت، فسوف تبعث البنت لجدتها كل فترة. وأنها تريد حقوقها المادية كاملة بدون تجزئة، وهي حقها في القائمة - حقها في المبلغ المتبقي من الورث- مصاريف الجنازة (تقول إنها سمعت فتوى أنها من حق الزوجة فقط في حين أن أبي هو من تكفل بمصاريف العزاء)- وأخيرا حقها وحق البنت في الشقة (وتريده بثمن اليوم لا بثمنها وقت الشراء)، وهنا ظهرت مشكلة جديدة لأن أبي وأمي متعلقان بالشقة جدا، وشَطَّبوها من مالهم الخاص، وفرشوها، وكانوا ينوون الانتقال للعيش فيها، كما أنهم يرون أن الحفاظ عليها، وعدم بيعها من مصلحة البنت الصغيرة، وأن هذا هو الرابط الوحيد الذي سوف يرجعها لهم، وتعيش معهم فيها.
أمي تريد تبرئة ذمتها أمام الله من حق أرملة أخي في القائمة، وفي المبلغ المتبقي لها. ولكن بيع الشقة مرفوض بالنسبة لأبي وأمي، كما أنهم لا يستطيعون ماديًّا شراء نصيبها، ونصيب البنت.
ما الحل وأرملة أخي كما ذكرت تريد أن تأخذ كل شيء، و إلا لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبه إلى أن مثل هذه المسائل التي فيها نزاع وخصومة الأنسب أن تراجع فيها المحكمة الشرعية ليستمع القاضي لجميع الأطراف، ويستدعي البينات ونحو ذلك، وحكم القاضي ملزم، ورافع للخلاف في المسائل الاجتهادية. ولا ينبغي أن يكتفى فيها بفتوى، فقد يكون فيها كثير من القصور بسبب السماع من طرف واحد.

ومما يمكننا قوله هنا ما يلي:

أولا: أن ما تركه الميت من مال حق لجميع ورثته، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من ترك مالا فلورثته. وهذا يشمل ما يتركه الميت من نقد أو عقار ونحو ذلك.

ثانيا: العقار كالشقة المذكورة بالسؤال إن لم يكن بالإمكان قسمته بين الورثة ـ حسب الأنصبة الشرعية ـ إلا بحصول ضرر، فإذا طالب أحد الورثة ببيعه أجبر البقية على البيع، وسبق نقل كلام العلماء في الفتوى: 170765.

ثالثا: نفقة تجهيز الميت تؤخذ من تركته، وهي مقدمة على جميع الحقوق، فتخصم من تركته؛ إلا إذا كانت قد دفعت على سبيل التبرع. وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 21998، ففيها بيان الحقوق المتعلقة بالتركة.

رابعا: إذا مات الأب، ولم يوص على ابنته أحدا، فالولاية على مالها حق للجد أب الأب. قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: الولاية في مال الصغير للأب ثم وصيه ثم وصي وصيه ولو بعد، فلو مات الأب ولم يوص فالولاية لأبي الأب، ثم وصيه، ثم وصي وصيه، فإن لم يكن فللقاضي ومنصوبه. اهـ.

خامسا: لا ينفق على هذه البنت من التركة، لأنها أصبحت حقا لجميع الورثة كما أسلفنا، ولكن ينفق عليها من نصيبها منها.

سادسا: لا يجوز لهذه المرأة منع الجد والجدة من رؤية حفيدتهم، ولكن لا يلزمها الإتيان بها عندهما لرؤيتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني