الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف

السؤال

فضيلة الشيخ، سؤالي يتعلق بمشكلة زوجين عندنا، وذلك أن الزوجين عقدوا عقد الزواج في سنة 2016 ميلادي، ومنذ سنة حصلت بينهما مشكلة، وأدّت هذه المشكلة إلى مسألة الطلاق، والزوجة هي التي تطلب منه الطلاق، وتقول الزوجة: إن سبب الطلاق كالتالي:
- تقول: إن الزوج سرعان ما يغضب، وعندما يغضب يهددها أحيانًا بقتلها، أو بقتل أصدقائها، أو بقتل نفسه، ويمنعها من المشاركة في المحاضرات في المساجد.
-أحيانًا يسافر إلى بلاد بعيدة ليسكن فيها بعيدًا؛ ولأجل هذه الأمور فقدت الزوجة الثقة بالزوج، وأصبحت لا تحبّه، وتخاف منه.
أما من ناحية الزوج: فيعترف أنه يهددها عند الغضب، ويكسر أغراض البيت، ولكنه لم يعتدِ عليها جسديًّا، وهي تقرّ بذلك.
- ويقول: إنه يمنعها من المشاركة في المحاضرات من أجل بعض الأخوات في المسجد اللاتي يدفعنها للتخلص من زوجها، وهنّ تسببن في مشاكل أسرية.
- يقول الزوج: إنه يسافر إلى بلاد بعيدة من أجل العمل.
أما من ناحية الطلاق: فالزوج لا يريد طلاقها، وبذل كل شيء من أجل هذا الزواج، وكانت له وظيفة في إنكلترا، وكان يدعو الزوجة أن تنتقل إليه ليعيشا معًا هناك، ولكنها رفضت، وقالت: إذا هو رجع إلى فنلندا، فهي سترضى بأن تعيش معه، فرجع إلى فنلندا من أجلها، ومع ذلك هي مصرّة على الطلاق، والزوج يرفض أن يطلّقها من أجل هذه الأسباب، وهو وعد أنه لا يرجع إلى تهديدها، أو الأخطاء السابقة، وقال: ما دامت هي مصرّة على الطلاق، فهو يطلب منها 33 ألف يورو مع ردّ المهر 550 يورو ليخالعها، ويقول: إن هذا المبلغ من أجل تكاليف السفر بين فنلندا وإنكلترا، ويقول: إنه في خلال هذه السنة رجع لأجل الزوجة أكثر من عشر مرات، ومن أجل أنه اضطرّ إلى ترك عمله في إنكلترا، والمشاكل النفسية المترتبة على الزواج، ويقول: إنه بذل كل شيء في سبيل استمرار الزواج، وطبّق كل ما تريده هي، ولكنها دائمًا تأتي بمبرر جديد للطلاق، وآخر كلام للزوجة أنها لا تستطيع أن تعيش معه، ولا تحبه.
وبالنسبة لهذا المبلغ (33 ألف يورو) قالت: إنها لا تستطيع أن تدفع هذا المبلغ، ويقول الرجل: إذا هي دفعت هذا المبلغ، فأنا راضٍ بأن أخالعها، وإلا فلا، فما الحل؟ أفيدونا -بارك الله فيكم-
ومع العلم أنه ليس في بلدنا (فنلندا) أي مركز إسلامي لإصلاح هذه المشاكل، ونحن أقرب شخص منها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسائل التي فيها منازعات ومناكرات لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء للفصل فيها.

فإذا لم يصطلح الزوجان، ويتعاشرا بالمعروف، فليترافعا إلى القضاء، أو يوسطا حكمين من أهلهما للصلح بينهما، أو الطلاق في حال تعذر الإصلاح.

والذي بوسعنا أن نفيد به على سبيل الإجمال من حيث الأحكام الشرعية المتعلقة بالسؤال ما يلي:

- الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، وليس من المعروف تهديد الزوجة بقتلها، أو قتل صديقاتها، أو قتل النفس، فهذا منكر ظاهر.

- من حقّ الزوج منع الزوجة من الخروج من البيت لغير ضرورة، ويكره له منعها من الخروج إلى المسجد، إلا إذا خشي مفسدة، وانظر الفتوى: 40033.

- من حق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها فوق ستة أشهر من غير عذر، كما بيناه في الفتوى: 10254.

- وإذا كانت الزوجة متضررة من إساءة زوجها معاملتها، فلها أن ترفع الأمر للقاضي؛ ليمنعه من الإساءة، أو يحكم بالتطليق للضرر إن أحبت، وراجع الفتوى: 33363.

- إذا سألت الزوجة زوجها الطلاق دون مسوّغ، فله أن يمتنع من طلاقها؛ حتى تسقط له مهرها، أو بعضه، ويجوز الاتفاق على أن تدفع له أكثر من مهرها، لكن المستحب ألا يأخذ منها أكثر من مهرها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإذا ثبت هذا؛ فإنه لا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها. وبذلك قال سعيد بن المسيب، والحسن، والشعبي، والحكم، وحماد، وإسحاق، وأبو عبيد، فإن فعل جاز مع الكراهية...انتهى. وانظر الفتوى: 8649.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني