الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ الأمّ من مال ابنها للإنفاق عليه وعلى نفسها وإخوانه

السؤال

أنا أعيش في بلد أجنبي، والحكومة تعطي ابني مبلغًا من المال، قمتُ أنا بسحبه، وصرفه على أشياء تخصّني، وأشياء تخصّه، وتخصّ إخوانه، فهل يحق لي التصرف في هذا المال وأخذه؟ علمًا أن الحكومة تضعه في حسابه لأغراض معينة -من أجل دورات تدريبية-، ولكنه -والحمد لله- لا يحتاج لهذه الدورات.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت تلك الجهة تُمَلِّكُ الابن ذلك المال؛ ليصرفه في الدورات، ونحوها؛ فله التصرف فيه بما شاء، ووضعها له في حسابه ليتصرف فيه دون أن تشترط عليه بذله في شيء محدد، ولم تطلب منه ما يثبت صرفه في ذلك، على ما جرت به عادة الجهات الرسمية في ذلك؛ يدل على أنها تملكه المال دون شرط، وله صرفه، والانتفاع به فيما يشاء من حاجاته.

وأما أخذ الأم من مال ابنها: فإن كان الابن بالغًا، وقد أذن لها في ذلك، فلا حرج.

وأما لو كان صبيًّا لم يبلغ الحلم، فليس لها أن تأخذ منه لنفسها، أو لأحد إخوته، فيما ذهب إليه بعض أهل العلم، بل جعلوا ذلك خاصًّا بالأب، قال ابن قدامة في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها، صغيرًا كان الولد أو كبيرًا، بشرطين: أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضرّ به، ولا يأخذ شيئًا تعلقت به حاجته. الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده، فيعطيه الآخر ... وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده، إلا بقدر حاجته. انتهى.

وقال الحجاوي في الاقناع: ولأب فقط إذا كان حرًّا أن يتملك من مال ولده ما شاء، مع حاجة الأب وعدمها، في صغره وكبره، وسخطه ورضاه، وبعلمه وبغيره، دون أُمٍّ، وجَدٍّ، وغيرهما. انتهى.

وعلى هذا القول؛ فليس لك الأخذ من ماله لنفسك، ولا لأحد إخوته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني