الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط والدي الزوجة توقيع الزوج على إيصالات بدعوى العرف الأسري

السؤال

متزوج عن حب قبل الزواج منذ خمس سنين، وأم زوجتي وأبوها أجبروني على أن أوقِّع على إيصالات أمانة بمليون جنيه، وكانت حجتهم أن هذا عُرف عندهم، وأن أمّ امرأتي وأخواتها كلهنّ قد وقَّع أزواجهنّ على إيصالات، ووقَّعت، وبعد أسبوع من الزواج بدأت مشاكل كثيرة مع الأب والزوجة، وكنت أُهَدَّد بالإيصالات، ووصلت المشاكل إلى الشتم من زوجتي، والضرب مني، وبعد الصلح من الأهل وعدتني أنها ستأتي بالإيصالات أكثر من مرة، وقلت لها: "لو لم تحضريها في شهر 8، تبقين طالقًا"، وهذه كانت أول مرة.
تناسيت الموضوع، وأنجبنا طفلين، لكن الحياة الزوجية ظلّت غير مستقرة، وأنا مسافر، واستقدمتهم معي للكويت، وكانت حياتنا كلها مشاكل، واستفزاز غير طبيعي، يصل للضرب، والشتم.
وفي إحدى المرات ومن غير سبب شتمت، فقلت لها: اتركيني وحدي، فاستفزتني، فدفعتها، فصرخت، فوضعتُ يدي على فمها لتجنب الفضائح أمام الجيران، وفي وسط المشكلة شتمت، وقالت: طلّقني، وقد كنت متعبًا جدًّا منها، فقلت لها: "أنت طالق"، ولا أدري كيف خرج مني هذا اللفظ، مع أني لم أتلفظ به من قبل رغم حدوث مشاكل أكبر من هذه، فسكتت، وبعد ذلك قالت: إني قلت لها: "أنت طالق طالق طالق"، وهي تقول: إني بهذا طلقتها أربع مرات، وأنا لا أدري، فقد كثرت الأقاويل، وأنا لم أكن في وعيي عند الطلاق، لكنها كانت مثل المجنونة، وحصل منها استفزاز لأبعد الحدود، فكم طلقة حُسبت عليَّ؟ وهل حرام شرعًا الإيصالات التي أخذها والدها عليَّ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم -أيها الأخ الكريم- أن استقرار الحياة الزوجية واستمرارها، غاية من الغايات التي يحرص عليها الإسلام، ويحث عليها، لذا؛ فينبغي لكل من الزوجين أن يحافظ على ما يضمن استمرار الحياة الزوجية، ويقوّي أواصرها، وأن يفي لصاحبه بجميع الحقوق الواجبة له، وأن يتغاضى عما يمكن التغاضي عنه من حقوقه الخاصة، هذا هو ما يحث عليه الشرع، ويرغب فيه.

وقولك: إنك تزوجت بهذه المرأة عن حب قبل الزواج، فإن كانت تحصل بينكما الخلوة، ونحوها قبل عقد النكاح، فذلك منكر, ومعصية, تستوجب منكما التوبة إلى الله تعالى.

وبخصوص سؤالك عن عدد الطلقات؛ فقولك لزوجتك: (إذا لم تأتي بالإيصالات في شهر 8، تبقين طالقًا)، فهذا طلاق معلق، يقع بمجرد انقضاء شهر 8 إذا لم تأتي لك بالإيصالات، وعلى ما يبدو أنها لم تأتي بها، وأنك مقر بهذا الطلاق.

وعليه؛ فهذا هو الطلاق الأول.

وبخصوص الطلاق الثاني الذي يبدو أنك مقر بوقوعه أيضًا، لكن الزوجة تدّعي أنك قلت لها: "طالق طالق طالق"، فنقول: إن كنت تلفظت بالطلاق حال غضب شديد أفقدك الإدراك بحيث لم تَعِ ما تقول، فهذا الطلاق غير نافذ.

وأما إذا كان الغضب، لم يفقدك الإدراك، فطلاقك نافذ، وانظر الفتوى: 98385.

والأولى أن تعرض موضوعكما على المحكمة الشرعية؛ حتى يتبين القاضي هذا الموضوع مشافهة، فيحكم بالعدد النهائي للطلقات على أساس ذلك.

وإن كانت إيصالات الأمانة هذه لا تدخل ضمن مؤخر الصداق، فلا يجوز لوالدي الزوجة أن يشترطا عليك توقيعها تحت طائلة عرف أسري، لكن يمكنهما إن كان هناك مؤخر صداق أن يطالباك بالتوقيع على إيصال أمانة بقيمة مؤخر الصداق؛ لضمان حق ابنتهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني