الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جفاء المرأة للضغط على زوجها لتلبية متطلباتها الكمالية

السؤال

ما الواجبات الشرعية على الزوج ميسور الحال أو الثري تجاه زوجته؟ وهل هو مكلف بتلبية كل ما تطلبه، طالما أن ذلك في مقدرته، ويستطيع تلبيته لها؟ وهل تأثم إن عاملته بجمود وبرود ودون عاطفة، إذا لم يلبِّ كل أو بعض احتياجاتها (غير الأساسية والضرورية)؟ مع العلم أنها لا تمنع نفسها عنه (ولكن ببرود)، وتصنع له طعامه، وتهيئ ثيابه، وغير ذلك من الواجبات الزوجية، ولكنها تقريبًا لا تتحدث معه إلا فيما يخص شؤون الأولاد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الواجبات الشرعية للزوجة على زوجها الثري، أو المُقلّ:

أن يعاشرها بالمعروف.

وأن ينفق عليها، على قدر استطاعته، نفقة لا إسراف فيها، ولا تقتير.

وأن يكسوها بالمعروف كسوة تناسب حالها ومثيلاتها؛ لقول الله عز وجل: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233].

ولحديث معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلا في البيت". رواه أبو داود.

ويجب عليه المسكن حسب طاقته أيضًا؛ لقول الله عز وجل: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق:6].

وما زاد على ذلك، فلا يلزمه شرعًا.

ولا يلزمه تلبية كل رغباتها، سواء كانت في مقدرته ووسعه أم لا.

وليس لها أن تطالب زوجها بذلك على سبيل الإلزام، أو تمارس عليه ضغطًا بتغير عواطفها إذا لم يفعل، إلا أن يطيب خاطره لها بشيء من تلبية رغباتها التي لا إسراف فيها، ولا تبذير، فلا بأس.

وهو مأجور على ذلك؛ لما له من تأثير على تقوية المحبة، والألفة بينهما، وقد قال صلى الله عليه وسلم: خياركم، خياركم لنسائهم. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.

وفي المقابل؛ فإنّ على الزوجة طاعة زوجها، ومعاشرته بالمعروف.

وليست المعاشرة بالمعروف مجرد أداء الحقّ؛ فإنّ إجابة الزوج إلى حقّه، مع إظهار التبرّم والضيق؛ ينافي المعاشرة بالمعروف، قال ابن قدامة -رحمه الله- في العمدة: وعلى كل واحد من الزوجين: معاشرة صاحبه بالمعروف، وأداء حقه الواجب إليه، من غير مطل، ولا إظهار الكراهية لبذله.

أمّا إذا كانت تؤدي حقّ زوجها بالمعروف، وكان المقصود بالمعاملة ببرود: ترك التودد، والمؤانسة، ونحو ذلك؛ فهذا غير محرّم، لكن الأولى للمرأة أن تحرص على التودّد لزوجها، ولو كان منه بعض الإساءة، أو التقصير في الحقوق، فضلًا عن كونه قائمًا بحقّها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا، ثُمَّ تَقُولُ: وَاللَّهِ، لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى. رواه الطبراني، وحسنّه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني