الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصدقة على الأخ الغني للعلاج

السؤال

لي أخ كبير في السن، ويعاني من جلطة في المخ، وهو طريح الفراش، لا يتحرك إلا لغرض قضاء الحاجة فقط -حفظكم الله-. وأنا وأولادي نقوم على رعايته في بيتي.
مع العلم أن له ابنة متزوجة، وزوجة، وله معاش ثابت حوالي 5000 جنيه، كما أن له وديعة بأحد البنوك حوالي مائة ألف جنيه، ولا يريد أن يصرف معاشه، أو وديعته بداعي تأمين مستقبل ابنته بعد موته، لو -لا قدر الله- تعرضت لأية أزمة مالية.
وبفضل الله أنا قادر على النفقة على أكله، وشربه، وعلاجه من فائض أموالي. وعلاجه فقط يكلفني شهريا حوالي ستة آلاف جنيه.
سؤالي الآن: هل هذه الأموال التي أدفعها لأخي تكون من باب الصدقة؟
مع العلم أني أنوي التصدق، ولكن أحد أقاربي شككني في هذا المبدأ، وقال طالما أنه ليس محتاجا، فبذلك يكون ما تنفقه عليه ليس صدقة، ولكن مجرد مواساة فقط.
علما بأنني لن أنقطع عن النفقة عليه حتى لو لم تكن صدقة، ولكن أريد أن أعلم هل أُجزى على هذا الفعل من باب الصدقة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في إنفاق مالك في علاج أخيك بنية الصدقة، وتؤجر على ذلك -إن شاء الله-، وكونه غنيا هذا لا يمنع من التصدق عليه صدقة التطوع، فصدقة التطوع يجوز دفعها للغني، بخلاف صدقة الفريضة؛ كالزكاة، فإنها لا تدفع للغني، وإن كان أخوك غنيا قادرا على تكاليف العلاج؛ فينبغي له أن يستعفف، ولا يكلفك.

قال النووي في المجموع: تَحِلُّ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لِلْأَغْنِيَاءِ بِلَا خِلَافٍ، فَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ وَيُثَابُ دَافِعُهَا عَلَيْهَا، وَلَكِنَّ الْمُحْتَاجَ أَفْضَلُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ التَّنَزُّهُ عَنْهَا، وَيُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا... اهـ.

قال ابن قدامة في المغني: وَكُلُّ مَنْ حُرِمَ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِن الْأَغْنِيَاءِ وَقَرَابَةِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْكَافِرِ وَغَيْرِهِمْ، يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا، .... وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدٍ: «إنَّ نَفَقَتَك عَلَى أَهْلِك صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأَتُك صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. اهــ مختصرا.
وفي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْهِبَةِ. اهــ.

والخلاصة أنك تؤجر- إن شاء الله تعالى- على صدقتك على أخيك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني