الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق للزوج منع إخوة زوجته من زيارتها حال غيابه؟

السؤال

في بداية زواجي زارني أخي لأول مرة في بيتي، فغضب زوجي من هذا، وأخبرني أنه لا يحب أن يزورني إخوتي الشباب وحدهم، وركب كاميرات مراقبة للباب الخارجي من المنزل، حاولت النقاش معه في الأمر، وأنني لا أستطيع أن أمنع أخي من زيارتي، واحتد النقاش بيننا ذات مرة، وقال إنه سيتصل بشيخ ويسأله، وبالفعل قام بذلك، وأخبره أن معه حق، وأنه لا ينبغي لأخي أن يزورني، وهو خارج المنزل. وبدوري قمت بسؤال إحدى قريباتي التي أثق بدينها فيما أحسبها عند الله، ولا أزكي على الله أحدا، فأخبرتني أنه من حقه منعي، وأن البيت بيته، وأن معي حقا أن أتألم، وأحاول أن أحادثه بلين، وأنني لا أمزح مع إخوتي، وأحترم غيابه، ومن هذا الكلام.
أصبحت لا أطلب من أحد أن يزورني، وبدورهم لم يعد يأتي أحد لبيتي، وللعلم أننا مغتربون، ولا يوجد أحد غير أهلي. وأهل زوجي في بلد آخر.
الأمر سبَّب جفاءً كبيرا بيني وبينهم؛ لدرجة أنني لم أعد أعرف كيفية التواصل معهم، وأصبح بيننا حاجز كبير.
بعد فترة طويلة استعنت بالله، ودعوته أن يصلح بيني وبينهم، وحاولت إعادة بناء جسر التواصل بيننا، وبالفعل تحسن الأمر بفضل الله، ومع هذا حاولت الحفاظ على أن لا يزورونني كثيرا، أو حتى أن يزوروني بغياب زوجي، إلا أن الأمر يكون صعبا جدا في بعض الأحيان.
خصوصا أنه عندما يزورني أحدهم يعود زوجي من عمله ممتعضا، ويبقى متجافيا معي مدة من الزمن، هذا على الرغم أنه مرة هو قال لي: " تعلمين أنني كنت أمانع زيارة إخوتك، ولكنني لم أعد كذلك الآن" ولكني أرى أنه لا زال ينزعج.
الآن يمر أهلي بالقليل من الضغط في بيتهم (بسبب زيارة أحد أقاربنا، فالمنزل مزدحم)، فيطلب أخي أن يأتي، ويعمل عندي لأنه يعمل من المنزل، ولا أدري كيف أتصرف؟
وكثيرا ما أطلب من أختي أن تأتي معه، ولكنها لا تكون متفرغة في كل وقت، بالإضافة إلى أنني لا أحب أن أثقل عليها، أو أخبرها بمشاكلي.
مع العلم أن زوجي يغار حتى من أختي حين أحادثها على الهاتف، فأصبحت أتجنب التواصل معها بوجود زوجي، لكن الأمر يكون خانقا في بعض الأحيان.
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن جهة العموم للزوج حق على زوجته أن لا تُدخل بيته أحدا يكره دخوله فيه، سوءا كان من المحارم أم من غير المحارم، كما ثبت في صحيح مسلم في حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في خطبة حجة الوداع، حيث جاء فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه.

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل، أو امرأة، ولا محرم، ولا غيره في دخول منزل الزوج، إلا من علمت، أو ظنت أن الزوج لا يكرهه؛ لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، أو عرف رضاه باطراد العرف بذلك، ونحوه... اهـ.

وإن لم يكن هنالك ما يريب؛ فلا ينبغي لزوجك أن يمنع أخاك من زيارتك، والدخول في البيت، فإنه بذلك قد يتسبب في وقوع الخصام، وقطيعة الرحم. وما ذكرت من كونه يغار حتى من محادثتك أختك على الهاتف يغلب معه الظن بأن هذه من جنس الغيرة المذمومة، أي التي لا تقوم على أساس من الريبة، ونحو ذلك.

روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من الغيرة ما يحب الله، فأما ما يحب الله؛ فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره؛ فالغيرة في غير ريبة.

وإذا كان قد أذن بدخول أخيك؛ فلا حرج في العمل بهذا الإذن، ولا يلزم من انزعاجه تراجعه عن الإذن، وعدم رضاه، فيبقى هذا مشكوكا فيه، وإذنه متيقن، فيقدم على ما هو مشكوك فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني