الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ولاية الاب الذي لا يصلي

السؤال

عندما كنت أتصفح الإنترنت، وجدت بالصدفة قولًا للعالم ابن باز أن تارك الصلاة كافر، وأرعبني الموضوع، فأردت أن أتأكّد من الموضوع جيدًا، فوجدت الشيخ ابن عثيمين يقول بذلك، وأن تارك الصلاة كسلًا وتهاونًا كافر، خارج من الملة، فلا يكون وليًّا في الزواج، ولا يصلَّى عليه، ولا يورث، فتملكني الذهول؛ فأبي تارك للصلاة كليًّا، لكنه يؤمن بها، وكلما قلت له: أبي عليك بالصلاة، قال لي: إن شاء الله، نسأل الله أن يهدينا، ادعي لي.
وأبي قد كبر في عائلة ووجد إخوته الكبار لا يصلّون، وتربّى على هذا، ولم يعتد عليها، لكنه يصوم، ويؤمن بالله، ويعرف الدِّين، ولكن الصلاة تبدو له ثقيلة.
ونظرت في موقعكم فوجدت أن جمهور العلماء يرى أنه ليس بكافر، وإنما هو مسلم عاص؛ وبهذا قال الشيخ الألباني -رحمه الله-، فيورث، ويزوّج، وغير ذلك، فماذا أفعل؟ فبعد بحثي وجدت أن ابن عثيمين، والألباني يحرّمان انتقاء الفتوى للتشهّي، وأنّ من سأل عالمًا ثقة، وأفتاه، عمل بفتواه، وإن سأل علماء آخرين حتى وصل للفتوى التي يريدها، وعمل بها؛ يكون متتبعًا الرخص والهوى؛ فلا يجوز له العمل بها، وهذا قول كثير من العلماء، فماذا أفعل؟ أيعقل أن أترك فتوى الجمهور، وأختار الفتوى التي تكفّر والدي فقط؛ لأنني سمعت فتوى الذين يكفّرونه أولا، وأدخل نفسي في حرج شديد!؟ فأنا أحب والدي كثيرًا؛ فهو يحبّنا وربّانا، فكيف أكفّره، وأقول له: لن تزوجني، وهو من تعب علينا!؟
أنا في ضيق شديد من أمري، وقد بكيت كثيرًا، ولم أخبر أحدًا بالموضوع، وأعاني وحدي، وأخشى أن أختار قول من لا يكفّره، فلا تبرأ ذمّتي، وآثم على فعلي، أو أختار من يكفّره، فأتعذّب.
وإن قلت مثل هذا الكلام في البيت، فسأعد متشددة، وأوصف بالتي كفّرت والدها، لا سيما أن العائلة كلها تحبّ والدي، وتحترمه كثيرًا، والشيخ الذي تستفتيه قريتي يقول بعدم الكفر، فهل يجوز لي رغم سماعي بفتاوى الذين كفّروه أولًا أن أعمل بقول الجمهور فقط؛ لرغبتي بالعمل به؟ وإن قلتم بالجواز، فماذا أصنع مع من قال: لا يجوز التخلّي عن فتوى عالم ثقة، لمجرد التشهّي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأبوك ليس كافرًا في قول الجمهور، وعند الحنابلة أنه إنما يكفر إذا دعاه الإمام لفعلها وامتنع.

ومع هذا؛ فإن تارك الصلاة على خطر عظيم بلا شك؛ فهو مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر -عياذًا بالله-، وانظري الفتوى: 130853.

فعليك أن تدعيه إلى الله، وتستمرّي في نصحه؛ حتى يتوب الله عليه، ويصلي.

وأما ولايته لزواجك، فصحيحة، جائزة عند الجمهور الذين لا يشترطون العدالة في ولي النكاح، ولا حرج في أن يزوّجك فيما نختاره ونفتي به.

ولا حرج عليك البتة في تقليد من يفتي بهذا القول، وتبرأ ذمّتك بذلك بلا ريب، ولا يكون هذا من الترخّص المذموم، وقد بينا ما يفعله العامي عند اختلاف الفتوى في فتوانا: 169801، فانظريها.

والخلاصة أن والدك لو زوّجك؛ فزواجك صحيح، لكن عليك أن تجتهدي في دعوته إلى الصلاة، وبيان خطر تركها.

نسأل الله له الهداية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني