الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية فسخ خطبة من تبين أنه غير مرضي في الدين والخلق

السؤال

مشكلتي أني كنت أريد لابنتي الخطوبة؛ كي أفرح بها، فقد وصلت سن 23 ولم يتقدم أحد لخطبتها؛ وابنتي أغلب وقتها في الدراسة والبيت ولا تخرج كثيرا.
أردت أن تخطب مثل الفتيات، كانت ابنتي على علاقة بشاب خلوق، ومن عائلة بسيطة ميسورة الحال. أردت أن أعجل بخطبتهما، ولكن لظروفه الصعبة من ناحية عدم وجود مسكن لهما لم يكن لديه الإمكانية أن يتقدم لخطبتها، وخاصة أن والدها كان شرطه أن يكون لديه مسكن.
تقدم لخطبتها شخص عن طريق قريبة له، سألنا عنه فقالوا: جيد، ولم يقل لنا أحد شيئا سلبيا عنه. هو لا يعرف ابنتي ولا تعرفه. وهنا المشكلة. قمنا أنا ووالدها بالضغط عليها كي تجلس معه ما يسمى بالرؤية الشرعية، وهي كانت رافضة بسبب تعلقها بالشاب الآخر.
لقد استعملنا معها الضغوط والإقناع كي تقبل، وفعلاً قبلت ولم تعط رأيها بعد أن جلست معه، وطلبنا منها أن تجلس مرة أخرى يمكن أن يكون جيدا، وأقنعناها بذلك، وفعلا جلست وتمت الموافقة.
ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش حالة تأنيب ضمير قاتل، وفكر عميق، ابنتي حبيبتي التي هي أعز من روحي، أردت أن أفرح بها وتفرح مثل كل البنات. ولكن ما فعلته بحقها كان خطأ، وبحق الشاب الآخر الذي يتعذب حتى اليوم لبعدها عنه بهذه الطريقة.
بعد أن تمت الموافقة أصبح لدي رفض تام للعريس، وبدأت أسأل عنه بطريقة عميقة. واكتشفت أن كل أصحابه ناس ليسوا جيدين، وأنه بعيد عن الدين، وأنه من ناس لا يشبهوننا من ناحية التصرفات. فهذا زاد لدي الرفض وعدم الترحيب به، مع العلم أن ابنتي تريد أن تكمل معه، ولا أدري هل هي تعاقبني لما فعلته بها من إرغامها على ترك حبيبها أم فعلا تريده، مع العلم أني عرفت مؤخراً أنها تواصلت مع حبيبها السابق، وواجهتها فقالت إنها فقط تقلق عليه، وأصرت أن تكمل مع خطيبها.
ماذا أفعل أنا في حيرة، ابنتي الآن لا أعلم صدق مشاعرها، وضميري يعذبني لأجلها، ولأجل الشاب الذي ظلم من أجل مسكن؟
وأيضا عدم تقبلي للخطيب بتاتاً، أفكر أن أطلب منها ترك خطيبها؛ لأني غير مرتاحة له بتاتا، وأخاف أن أكون مرة أخرى أنا من قرر عنها وجرحها؟
أرجو مساعدتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننوه أولا إلى أنّ هذه العلاقات التي شاعت بين الشباب والفتيات بدعوى الحب والرغبة في الزواج؛ سواء كانت بعلم الأهل أو بغير علمهم، باب فتنة وذريعة شر وفساد، وكم أوقعت في مصائب، وأورثت ندماً وحسرة.
فأول ما نوصيك به؛ أن تنهي ابنتك عن التواصل مع الشاب الذي تسميه "حبيبها السابق" وتبيني لها أنّ كلامها معه بدعوى الاطمئنان عليه؛ غير جائز، وعليها أن تقطع العلاقة به، وتقف عند حدود الله تعالى.
ثمّ عليكم أن تتثبتوا من دين الخاطب وأخلاقه؛ فإن ظهر لكم أنّه غير مرضي الدين والخلق؛ فبينوا ذلك لابنتكم، وذكروها بأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أوصى باختيار الزوج صاحب الدين والخلق، وأنّ قبول الزواج بالرجل غير الصالح له عواقب وخيمة، وأنّ فسخ الخطبة في هذه الحال مشروع، وفيه مصلحتها.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني : ولا يكره لها أيضا الرجوع إذا كرهت الخاطب؛ لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها، والنظر في حظها. انتهى.

ويمكن مراجعة قسم الاستشارات في الموقع عبر الرابط التالي: http://www.islamweb.net/ar/consult/index.php
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني