الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إسكان الزوجة الثانية في مسكن الأولى

السؤال

أنا رجل أعمالٍ، عمري 46 عاماً، كنت متزوجاً عدة زوجاتٍ، في الثلاثينيات من عمري، في نفس الوقت، وحصلت ظروفٌ، وانفصلت عنهن جميعاً، ثم تزوجت في سن الأربعين زوجةً، وأخبرتها أنني ألِفت التعدد، وواردٌ أن أكرره بعد زواجنا، وعملي منقسمٌ بين مصر، وسلطنة عمان، حيث أمتلك في السلطنة قارباً سياحياً، مجهّزاً للمعيشة، أؤجره للسياح، لرحلات النزهة البحرية، وفي العادة أصطحب زوجتي معي عند سفري بسبب حبها لصحبتي، وللسفر، وحبي لوجودها معي، وبعد زواجنا بفترةٍ اشتكت لي أنها تشعر بعدم الاستقرار، لأنه ليس لنا منزلٌ نمتلكه، حيث إن سكننا بالقاهرة، في شقةٍ مستأجرةٍ، وفي سلطنة عمان، نقيم في غرفةٍ، ٍعلى القارب، في الفترة التي نتواجد بها، ولأهدّئ نفسها، قلت لها اعتبري القارب هذا منزلنا وبيتنا، فهو ملكي، فقالت لي تعدني أن لا تدخل فيه زوجةً سابقةً، أو مستقبليةً لك، فوعدتها، وتمر الأيام، وأتزوج زوجةً ثانيةً بعد ثلاثة أعوامٍ، من زواجي بالأولى، وأشترط على زوجتي الثانية، قبل الزواج، أنني لن أعدل بينها، وبين الأولى: في الوقت، ولا العطاء، وتقبل ذلك، وتصبر على هذا الوضع، من عدم العدل، لمدة ثلاث سنواتٍ، ثم لا تطيق الصبر، وتطالب بالعدل بينها، وبين الأولى في المبيت، وفي حق السفر معي، مثل الأولى، واستخدام القارب ـ الذي كنت أمنعها من الصعود عليه، طوال هذه المدة، وفاءً بوعدي للأولى، وقد قرأت أن العدل في قسمة المبيت حقٌ للزوجة، تملك هي فقط التنازل عنه، أو الرجوع في ذلك، وبالتالي: وجدت نفسي ملزماً بالعدل بينهما، في قسمة الوقت، وفي موضوع استخدام الثانية للقارب، مثل الأولى، فهل يجب عليّ الوفاء بوعدي للأولى، بمنع الثانية من صعود القارب؟ أم أن للثانية الحق في العدل، في الاستمتاع بممتلكاتي، مثل الأولى، وأن هذا الحق أولى بمراعاته؟ مع العلم أنني أمتلك قارباً واحداً فقط، ولا أستطيع تعويض الثانية ببديلٍ، وبه 6 غرفٍ مستقلةٍ، ولن تستخدم الثانية غرفة الأولى، ولكنها طبعاً ستستخدم نفس الأماكن المشتركة، التي تستخدمها الأولى، وكذلك مستأجرو القارب، مثل الصالون والمطبخ، وأن عدم استخدامي للقارب، لإقامة الثانية عند تواجدنا في عمان، يشق علي، ويكلفني استئجار غرفةٍ بفندقٍ، وورثت مؤخراً شقةً من والدي سأنتقل إليها ـ إن شاء الله ـ مع زوجتي الأولى، فأصبحت لدينا الآن هذه الشقة، التي نمتلكها.
أفيدونا، أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في أن تسكن زوجتك الثانية معك في هذا المسكن، الذي في القارب؛ فالوفاء بالوعد مستحبٌ، وليس بواجبٍ، على الراجح من أقوال الفقهاء، وهو ما ذهب إليه جمهورهم، وراجع في ذلك فتوانا: 17057.
وما دام هذا المسكن الذي في القارب ملكاً لك، فلك أن تُسكن فيه من تكون معك من زوجتيك، ولا يلزمك تخصيصه لمن وعدتها، أو تجعل لكلٍ منهما مسكناً مثله، والعدل الواجب عليك كزوجٍ، فيما يتعلق بالمسكن: هو أن تكون كلٌ منهما في مسكنٍ يليق بها، سواءً في بلدك الأصلي، أم في البلد الذي تقيم فيه، وسواءً كنت مالكاً لهذا المسكن، أم مستأجراً، ونحو ذلك.

قال الخطيب الشربيني - الشافعي - في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن: كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوفٍ، ومستأجرٍ، ومستعارٍ. اهـ.
وإن كنت قد اشترطت على زوجتك الثانية، قبل الزواج منها، تنازلها عن بعض حقوقها، فهذا شرطٌ باطلٌ، والزواج صحيحٌ، فلزوجتك الثانية المطالبة بهذه الحقوق، وانظر الفتوى: 48409.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني