السؤال
أنا متزوج، وأكتري شقة، ولديّ أخت مريضة بالفصام، وتحتاج إلى الرعاية، وأبواي متوفيان. وهي غير متزوجة، وتحتاج للنفقة، والرعاية، وترفض العلاج. فهل يجب أن أسكنها معي؛ خصوصا أن زوجتي تعاني من تصرفاتها، وتريد أن يكون لها سكن مستقل؟
وهل سأحاسب أمام الله إن لم أسكنها، وأهتم بها، ولو على حساب حياتي؛ لأنها تثير مشاكل كثيرة؟
الآن هي تكتري بيتا مع الجيران، وظروفها جد مزرية.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنّ لأختك عليك حقًّا في الصلة والبر؛ ففي الأدب المفرد للبخاري -رحمه الله-: عن كُلَيْبِ بْنِ مَنْفَعَةَ قَالَ: قَالَ جَدِّي: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، وَمَوْلَاكَ الَّذِي يَلِي ذَاكَ، حَقٌّ وَاجِبٌ، وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ.
فإذا كانت أختك مريضة بالفصام، وليس لها زوج، أو أب، أو أم؛ فرعايتها واجبة عليك، ولا يجوز لك إهمالها؛ فإن كان عندها مال؛ فلا تجب نفقتها عليك، ولكن تنفق عليها من مالها، وتجلب لها خادمة تخدمها إن احتاجت إلى الخدمة.
وإذا كانت أختك فقيرة، وكنت موسرا؛ فنفقتها واجبة عليك، ومنها إخدامها، وعلاجها، ورعايتها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز والأدم والكسوة، بقدر العادة، ..... فإن احتاج إلى خادم فعليه إخدامه. انتهى. وراجع الفتوى: 126804.
فإمّا أن تسكن أختك معك، أو قريبا منك، وتخدمها بنفسك، أو تجلب لها خادمة ترعاها، لكن من حقّ زوجتك عليك أن توفر لها مسكنا مستقلا، لا يشاركها فيه أحد من أهلك. والمقصود بالمسكن المستقل أن يكون لها جزء من الدار منفصل المرافق، فإذا جعلت لزوجتك جزءا من البيت بمرافقه مستقلا مناسبا لها، وأسكنت أختك في البيت؛ فلا ظلم لزوجتك في ذلك.
جاء في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: ولو كان في الدار بيوت، وأبت أن تسكن مع ضرتها، ومع أحد من أهله إن خلى لها بيتا، وجعل له مرافق، وغلقا على حدة؛ ليس لها أن تطلب بيتا آخر. انتهى.
والله أعلم.