السؤال
تزوجت منذ سنتين من رجل لديه أخت مريضة بالأعصاب، وتعيش مع أبيها وزوجته وأخواتها، وفترة الخطوبة مدتها سنة، وعشرة أشهر، وبعد أن تزوجنا بشهر واحد اكتشفت أن الأب، وبناته، وزوجته، يريدون تقسيم ابنتهم شهريا على ثلاث بيوت، ليقوم زوجي وأخوه بواجب أختهم في بيوتنا.
وطوال فترة الخطبة كانوا يتكتمون على الموضوع، علما أن البنت قادرة على خدمة نفسها، وقد تكلمت كثيرا معهم أن من حقي في الشرع أن أسكن في مسكن وحدي، لا أحد يشاركني فيه دون جدوى، وهم مقتنعون اقتناعا تاما أن هذا من حقهم وحق أختهم في بيتي، وأنني قليلة الأصل، وقاطعة للرحم، ويبررون تكتمهم على الموضوع أن زوجي في فترة الخطبة هو من يجب عليه مصارحتي، وأخو زوجي يسكن في مدينة أخرى، نظرا لأن عمله وعمل زوجته فيها، وزوجة الأب لا تريد ابنة زوجها في البيت، وزوجها يوافقها الرأي، ويقوم بعمل جدول لتقسيمها شهريا بيننا وبين ابنه الثاني.
وهو يعلم أنني وزجة ابنه الآخر لا نوافق على ذلك، وأنه يتسبب بمشاكل في بيوتنا تصل إلى الطلاق، ويهدد بغضب الوالدين إن لم يقوموا بأخد ابنته، وكذلك بناته يحاولن إقناع زوجي وأخيه أنهم المسؤولون عن أختهم، وأنا وزوجة ابنهم الآخر لا نرفض أن يقوموا بصلة أختهم، بل بالعكس تماما.
فما رأي الدين والشرع فيما يفعله زوجي، وأبوه، وزوجته، وبناته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك ألا تمنعي زوجك من استضافة أخته في بيته للقيام برعايتها، لما في ذلك من الإحسان إلى الزوج، والإعانة على صلة الرحم، وبر الوالد، وكل ذلك فيه أجر عظيم، وفضل كبير، تهون في سبيله التضحية ببعض الحقوق، واحتمال بعض المكاره.
أمَّا من حيث الوجوب؛ فصحيح أنّه لا يجب عليك قبول مشاركة أخته لك في المسكن، ومن حقّ زوجة أبي زوجك؛ أن يكون لها مسكن مستقل لا تشاركها فيه ابنته، إلا إذا كانت تزوجته عالمة ببقاء هذه البنت معه، فقد نصّ بعض أهل العلم على أنّها لا يجوز لها في هذه الحال الاعتراض على بقاء البنت معهم، وراجعي الفتوى: 73093
وأمّا عن مسئولية رعايتها؛ فإن كانت محتاجة للخدمة والرعاية، وكانت موسرة؛ فلا تجب خدمتها على أبيها، أو إخوتها، ولكن يستأجر لها من تخدمها بأجرة من مالها.
وأمّا إن كانت فقيرة؛ وكان أبوها موسرا؛ فعلى أبيها أن يستأجر لها من يخدمها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز والأدم، والكسوة، بقدر العادة..... فإن احتاج إلى خادم فعليه إخدامه. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا قام الوالد بنفسه بخدمة ولده، فلا كراهة في ذلك، وتجب عليه الخدمة، أو الإخدام لولده الصغير، أو المريض، أو العاجز، إذا كان فقيرا. انتهى.
وفي هذه الحال لا يجب على الإخوة نفقتها أو خدمتها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ومن كان له أب من أهل الإنفاق، لم تجب نفقته على سواه. انتهى.
أمّا إذا كان الأب فقيرًا؛ فالراجح عندنا وجوب النفقة -ومنها الإخدام- على الإخوة، والأخوات، إن كانوا موسرين، وراجعي الفتوى: 126804
وإذا لم تكن الخدمة واجبة على الإخوة، ولكن أمرهم أبوهم بها؛ فالظاهر -والله أعلم- وجوب طاعته، ما لم يكن عليهم ضرر. أمّا إن كان عليهم ضرر، فلا تجب عليهم طاعة أبيهم في ذلك.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
والله أعلم.