الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج على الزوج في مساعدة والديه ما لم يقصر في نفقة زوجته وأولاده

السؤال

جاء زوجي للدراسة في بلد أوروبي منذ سبع سنوات، وقد التحقت به، وعندما انتهى من دراسته بدأت أنا بالدراسة، وكان الاتفاق أن كلا منا سوف يكون بجوار الآخر حتى الانتهاء. أثناء دراستي حملت، وعرضت عليه وظيفة في بلد آخر، ويعلم الله ما عشته من ضغط عصبي بسبب سفره.
بعد الولادة تركني أنا، والرضيع بمفردنا، ومسؤولية الدراسة، وذهب للعمل هناك بحجة أن هذا العمل سوف يرفع من شأنه علميا، ويساعده على إيجاد وظيفه أفضل، وأيضا أنه بحاجة إلى الأموال؛ لشراء شقة في بلدنا حيث إننا تزوجنا في شقة إيجار، بالرغم من وعود أهله بشراء شقة الزوجية كما هو العرف السائد.
بعد سنة من عمله سافر إجازة لبلدنا العربي، وقد رأيت تغيرات في منزل والده ووالدته من دولاب مطبخ، وتجديد في الأثاث، في الوقت ذاته أبوا أن يساعدوه بشراء شقة. إني أعلم جيدا أنه يرسل لهم الأموال؛ للمساعدة في الحياة بسبب ظروف المعيشة الصعبة، وعمري ما سألته، أو أحرجته.
وقد كنت أقول لنفسي هذا حقهم، وبر بهم، ويريد لهم الحياة الكريمة، ولكن حاليا عند رؤيتي لهذه التجديدات فاض بي الكيل حيث أعاني من الغربة لوحدي، ومن مسؤولية الطفل، والدراسة، وأحيانا أفكر في الانتحار من الضغط العصبي. لقد وقفت بجانبه طول مدة زواجي، و تحملت فوق طاقتي، تحملت في بعض الأحيان الإهانات، وكنت أأمل إصلاحه.
الآن سؤالي هو: أنني أريد أن أسأله إذا كان هو من دفع لهم الأموال؛ لتجديد الأثاث، إذا تبين أنه من دفع، هل هذا حلال؟ ويرضي الله؟ حيث إنني أريد الطلاق، لو تأكدت أنها من أمواله. فما هو رأي الدين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على صبرك على فراق زوجك، ونسأل الله أن يعينك، ويوفقك في دراساتك، وييسر أمرك، ويفرج كربك، ونوصيك بالصبر، وكثرة ذكر الله -عز وجل-، فذلك من خير ما يمكن أن يعالج به الضغط النفسي، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28}. ونوصيك بالتفاهم مع زوجك؛ للبحث عن سبيل؛ لإقامتكما معًا في بلد واحد.

وإن شئتِ سؤال زوجك إن كان أهله قد حصلوا على هذا الأثاث من ماله هو أم لا، فلا بأس بذلك، ولكن قبل أن تسأليه ينبغي أن تسألي نفسك عن الفائدة من وراء سؤاله، وما إن كانت في ذلك مصلحة، أم قد تترتب عليه مفسدة، وبدلًا من سؤاله عن هذا، فالأولى أن تسأليه عن حقك إن كان مقصرا في شيء من حقك في النفقة ونحوها.

وكذلك الحال فيما يتعلق بأمر شراء شقة، يمكنك حثه على ذلك، والذي يلزم الزوج من هذه الجهة أن يوفر لك مسكنا، ولو بالأجرة، ولو أمكنه شراء شقة، فهذا أفضل، فاعملي على التفاهم معه باحترام في هذا الجانب.

والزوج إذا كان قائما بحق زوجته وولده؛ فلا حرج عليه في أن يبر والديه بما شاء، ويعمل على كسب رضاهما، وذلك قد تعود بركته على زوجك، وعليك، وولدك، بركة في المال، وبركة بالعافية في الجسد ونحو ذلك، فهذا مما لا ينبغي نسيانه، أو الغفلة عنه.

وطلب الطلاق لا يجوز، إلا لمسوغ شرعي، لورود النهي عن ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى 37112، وقد ضمنا هذه الفتوى مسوغات طلب الطلاق.

ومجرد مساعدة الزوج أهله من ماله لا يبيح للمرأة طلب الطلاق.

وأما الانتحار؛ فلا تفكري فيه فضلا عن أن تقدمي عليه، فهو لا يحل مشكلة، ولا يجلب سعادة، بل ينقل صاحبه إلى شقاء أعظم.

وأموال الدنيا بكاملها أحقر من أن يفقد المسلم من أجلها حياته، ويقدم على ارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب، والقيام بعمل هو من أسباب سخط علام الغيوب. وراجعي للمزيد الفتوى: 49668.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني