السؤال
قال الله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل" [البقرة: 261].
السؤال هنا: هل تدخل في "سبيل الله" المذكور في الآية الصدقةُ الجارية، مثل بناء الطرق، والمساجد، ونشر العلم؟ وهل تعني هذه المضاعفة أن الله يضاعف المال المُنفَق في سبيله تعالى أيضًا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة الجارية ثوابها عظيم، فهي مما ينتفع به المسلم بعد موته، وتدخل في الإنفاق في سبيل الله، فهي كغيرها من الحسنات، تضاعف إلى سبعمائة ضعف، وربما أكثر، ففضل الله تعالى واسع، وعطاؤه لا ينفد.
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله -عزَّ وجلَّ-: إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي.
قال العراقي في طرح التثريب: قوله «إلى سبعمائة ضعف» فيه أن التضعيف قد ينتهي إلى سبعمائة ضعف، وهذا جود واسع، وكرم محض، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة} [البقرة: 261]، وفي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عزَّ وجلَّ عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها، كتبها الله عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. وهو صريح في أن التضعيف، لا يقف على سبعمائة، بل قد يزيد عليها لمن أراد الله تعالى زيادته له، وهو أحد القولين في قوله تعالى: {والله يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261] بهذا التضعيف، والأول أصح، وقال النووي: المذهب الصحيح المختار عند العلماء أن التضعيف لا يقف على سبعمائة، وحكى أبو الحسن الماوردي عن بعض العلماء أن التضعيف لا يجاوز سبعمائة. قال النووي: وهو غلط لهذا الحديث. انتهى.
والله أعلم.