السؤال
أعمل في شركة على مدار ثلاث سنوات، وقد تكبدنا خسائر، وفقدنا معظم رأس المال. وطوال هذه الفترة، لم آخذ فلسًا واحدًا كوني شريكًا في العمل، ولم نحقق أي أرباح.
الآن، وبعد أن فقدنا -تقريبًا- كل رأس المال، لم أغلق الشركة، على أمل أن ينتعش العمل يومًا ما، وأتمكن من إعادة رأس المال للشركاء. وقد قمت بتقليل التكاليف إلى الحد الأدنى تقريبًا.
تأتيني أعمال بين فترة وأخرى، لكنها تحقق أرباحًا قليلة، ولا أحصل منها على أي عائد. فهل سيستمر هذا الوضع إلى الأبد؟ وإذا استمر الحال على هذا النحو، حيث تأتي طلبات بسيطة شهريًا تكفي لتغطية بعض التكاليف، فهل سأظل أعمل بلا مقابل مدى الحياة؟ وهل هناك حل؟
أفكر في اعتبار أن الشركة قد خسرت تمامًا، وأن رأس المال قد انتهى، ثم أقوم بتقسيم أي أرباح قادمة إلى جزأين: جزء يُخصص لأصحاب رأس المال (المنتهي)، والجزء الآخر يكون لي. ما رأيكم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشريك بالعمل دون رأس مال، يكون مضاربًا، والمضاربة من العقود الجائزة غير اللازمة، فيحق لكل من المضارب، وصاحب رأس المال فسخها.
قال ابن قدامة في المغني: المضاربة من العقود الجائزة، تنفسخ بفسخ أحدهما، أيهما كان ... ولا فرق بين ما قبل التصرف وبعده. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: عقد المضاربة من العقود الجائزة غير اللازمة، والأصل فيه أنه يجوز لكل من رب المال والمضارب فسخ العقد بإرادته المنفردة متى شاء، وعلى هذا اتفق الفقهاء في الجملة. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 311419، 370645.
وإذا فسخت المضاربة، وكان في المال خسارة، فهي على صاحبه، ويخسر المضارب جهده، ولا يتحمل شيئًا من خسارة المال، حتى ولو اشترط صاحب المال عليه ذلك، فالشرط باطل.
قال ابن قدامة في المغني: متى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهمًا من الوضيعة، فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافًا. اهـ.
وعلى ذلك؛ فلا يلزم السائل أن يستمر بالعمل بشكل مجاني مدى الحياة! فبإمكانه فسخ المضاربة. فإن كان بقي شيء من رأس المال، فعليه إعادته لصاحبه، ولا يصح حينئذ اعتبار أن الشركة قد خسرت وانتهى رأس المال! بل عليه إعادة ما بقي لصاحبه.
والله أعلم.