الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب ترك الشقة المستأجرة إذا لم يلتزم المؤجر بشروط الدولة؟

السؤال

تركتُ شقّتي التي أملكها في بيت العائلة؛ بسبب شعور زوجتي بالضيق، والحزن، والمرض أثناء الإقامة فيها، وانتقلتُ بأثاثي -بعد نحو ثماني سنوات من الزواج- إلى المدينة التي يُقيم فيها أهل زوجتي. وهناك، استأجرتُ شقةً من شقق الإسكان الاجتماعي، أرشدني إليها والد زوجتي، وكان هو الوسيط بيني وبين المالك عند توقيع عقد الإيجار ودفع الأجرة. لكنني علمتُ لاحقًا أن هذه الشقق مملوكة بنظام التقسيط، وتشترط الدولة على المالك أن يكون الانتفاع بها شخصيًّا فقط، وألا تؤجّر إلا بعد مضي مدة لا تقل عن خمس سنوات، إلا إذا سدد المالك كامل الأقساط بشكلٍ مُعجّل. فهل يجب عليّ أن أسأل صاحب الشقة عمّا إذا كانت قد مضت عليها المدة القانونية؟ أو إن كان قد سدد الأقساط المتبقية؟ وإن لم يكن قد فعل، فهل يجب عليّ شرعًا أن أُخلي الشقة فورًا لئلّا أكون آثمًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر لنا أن السائل لا يلزمه السؤال، فإن الأصل في المسلم السلامة، والناس مؤتمنون على ما في أيديهم، تصح معاملتهم فيه: بيعًا، وشراء، وإجارة، وغير ذلك من أنواع المعاملات المباحة.

ثم إن عرف السائل -دون أن يسأل- أن المؤجر لم يلتزم بشرط الدولة، فلا يلزمه ترك الشقة، وإنما يلزم المؤجر الوفاء بالشرط للدولة، وتعجيل سداد باقي أقساط الشقة، فإن خالف فإثم مخالفته عليه هو، لا على المستأجر (السائل)، قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ [النساء: 111].

قال الطبري في تفسيره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبًا على عَمْدٍ منه له ومعرفة به، فإنما يجترح وَبَال ذلك الذنب وضُرَّه وخِزْيه وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.

وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة: 105]، وقال سبحانه: لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء: 84].

قال الواحدي في الوجيز: أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك. على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني