الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القسم بالبراءة من الإسلام

السؤال

ما هو حكم القسم ببراءة الإسلام أي أن يقول المرء أقسم أني بريء من ملة الإسلام لو فعلت كذا، فما هو حكم القسم نفسه، هل هو كفر وخروج عن الملة، وهل من أقسم هذا القسم يكون كافراً، هل من أقسم وجب عليه تنفيذ هذا القسم وإلا كفر وخرج عن دينه، وهل لو لم ينفذ هذا القسم يكون كافراً، وهل هو يمين أصلاً، وهل لي توبة، والحاجات التي حلفت عليها قبل ذلك ماذا أفعل بها، أرجو موافاتي بالحل الشرعي الصحيح من الكتاب والسنة، وأرجوكم بسرعة لأني في ورطة وسألت أكثر من شيخ وأصبحت في حيرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن قال والعياذ بالله تعالى هو بريء من دين الإسلام إذا حصل كذا أو فعل كذا، فمذهب جماهير العلماء أن هذا ليس يميناً ولا يلزم قائل هذا القول كفارة يمين إذا حصل ذلك الأمر، لكن يجب عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحاً ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، فإنه قد تفوه بقول يحسبه هيناً وهو عند الله عظيم.

ونظراً لخطورته نص بعض أهل العلم أن هذا القول مخرج من ملة الإسلام يحكم على قائله بالردة مستدلين بما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال... وهذا لفظ البخاري.

وقد حمل الحديث كثير من أهل العلم على التهديد والمبالغة ولم يكفروا بهذا القول، قال ابن حجر في الفتح: قال ابن المنذر اختلف فيمن قال أكفر بالله ونحو ذلك إن فعلت ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه ولا يكون كافراً إلا إن أضمر ذلك بقلبه، وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق هو يمين وعليه الكفارة، قال ابن المنذر والأول أصح لقوله من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة زاد غيره، ولذا قال من حلف بملة غير الإسلام فهو كما قال، فأراد التغليظ في ذلك حتى لا يجترئ أحد عليه. انتهى.

وقال الشوكاني في النيل عند شرح هذا الحديث: والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التعليق فينظر، فإن كان أراد أن يكون متصفاً بذلك كفر، لأن إرادة الكفر كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر، لكن هل يحرم عليه ذلك أو يكره تنزيها؟ الثاني هو المشهور.

وبناء على هذا فإنه لا يلزم العمل بهذا القسم لأنه ليس يميناً شرعية، والواجب التوبة إلى الله والتعود على الحلف بأسماء الله وصفاته عند الحاجة عملاً بما في الحديث: من كان حالفا فليحلف بالله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني