ذكر الكسوة
ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" وقد ذكرت إسناده في الباب قبل.
وأجمع أهل العلم على أن للزوجة نفقتها وكسوتها بالمعروف.
وقد اختلف أهل العلم فقال كثير منهم: يكسو ثياب بلد كذا، ومن كسوة كذا، لبلد سموها، تركت ذلك اختصارا؛ إذ لا فائدة في كثير مما ذكروا؛ لأن أكثر أهل البلدان يقل عندهم ما ذكروه، فأصح ذلك وأعدله أن لا يحمل أهل البلدان جميعا على كسوة واحدة، ولكن يؤمر أهل كل بلد أن يكسو ما يكسو أهل ذلك البلد بالمعروف بقدر [ ص: 57 ] ما يطيقه المأمور به على قدر يسره وعسره، وعلى قدر ما فيه الكفاية لها على قدر حالها، وما يكسى مثلها في مثل ذلك البلد، ولا يجوز وضع ما ذكروه في الكتب، أو لعل كثيرا ممن لم يتسع في العلم يحسب أن الأجناس من الكسوة التي أثبتها بعض الناس في كتبه واجبا، حمل الزوج على أن يكسو من تلك الأجناس، ولكن يجتهد فيه الحاكم كما يجتهد في الطعام، وفيما يجب لها من المتعة إذا طلقت، ولم يدخل بها، ولم يسم لها صداقا، وفي الآداب التي تلزم الناس؛ إذ لا سنة في ذلك، وفي مقدار ما يؤدب أو يمتع إلا ما يجتهد فيه الإمام، والناظر فيه وقت تنازع الزوجين أو الخصمين. فيما يجب أن يكسو،
والدليل على صحة هذا القول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند حين جاءته تسأله النفقة: ففي هذا أبين البيان أن الذي يجب أن يحكم للزوجة من كل ما ذكرت الكفاية؛ إذ لو كان في ذلك حد معلوم لأمرها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففي تركه عندئذ دليل على أن الذي يجب لها الكفاية من ذلك. "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"
والله أعلم.