ذكر الرجل يعجز عن نفقة زوجته
اختلف أهل العلم في الرجل يعجز عن نفقة زوجته فتسأله الفراق.
فقالت طائفة: يفرق بينهما.
كذلك قال مالك بن أنس، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وحكي هذا القول عن وأبو ثور، حماد بن أبي سليمان، وقتادة، ويحيى الأنصاري، وربيعة، وابن أبي ذئب.
ومن حجة قائل هذا القول الثابت عن أنه كتب يأمرهم أن ينفقوا أو يطلقوا، وبقول عمر بن الخطاب في الرجل يعجز عن نفقة امرأته قال: يفرق بينهما. أبي هريرة
وهذا قول سعيد بن المسيب، والحسن.
7523 - حدثنا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن قال: كتب ابن عمر عمر إلى أمراء الأجناد أن وإما أن يطلقوا ويبعثوا بنفقة ما مضى. ادع فلانا وفلانا - ناسا قد انقطعوا من المدينة وخلوا منها - إما أن يرجعوا إلى نسائهم، وإما أن يبعثوا إليهن بنفقة،
واحتج بحديث الشافعي : [ ص: 66 ] أبي هريرة
7524 - أخبرنا الربيع، أخبرنا أخبرنا الشافعي، سفيان، عن ابن عجلان، عن عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: أبي هريرة جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، عندي دينار، قال: "أنفقه على نفسك" قال: عندي آخر، قال: "أنفقه على ولدك" قال: عندي آخر، قال: "أنفقه على أهلك" قال: عندي آخر، قال: "أنفقه على خادمك" قال: عندي آخر، قال: "أنت أعلم".
قال [سعيد]: ثم يقول إذا حدث بهذا الحديث: يقول ولدك: أنفق علي، إلى من تكلني؟! تقول زوجتك: أنفق علي أو طلقني، يقول خادمك: أنفق علي أو بعني. أبو هريرة
وقالت طائفة: لا يفرق بينهما، وكذلك قال عطاء بن أبي رباح، وبه قال والزهري، ابن شبرمة، وحكي ذلك عن وسفيان الثوري، عثمان البتي، وابن أبي ليلى، والنعمان، وطائفة.
واختلف في هذا الباب عن فحكي عنه أنه قال: ينفق عليها أو يطلقها، وحكي عنه أنه قال: (لو لم يجد لم يكلف ما ينفق) . [ ص: 67 ] الشعبي،
وفي هذا الباب قول ثالث: حكي عن عبيد الله بن الحسن أنه قال: ولا آمره بطلاقها إذا عجز عن نفقتها، يحبس أبدا. يحبس الرجل بنفقة امرأته حتى ينفق عليها أو يطلقها،
وقد احتج بعض من يقول بالقول الثاني بقول الله - عز وجل - : ( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا ) .
ولعل من حجة غيره أن يقول: هما مجتمعين بنكاح صحيح مجمع عليه، وغير جائز أن يوجب عليه فراقها إلا بإجماع مثله، أو سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا معارض لها، فإن اعتل معتل بالعنين، قيل: إنما يجب أن بإجماع إن كان موجودا، وليست هذه المسألة كذلك، وإذ اختلفوا في العنين لوجب الوقوف عن التفريق بينهما. يفرق بين العنين وزوجته
وكان يقول: إذا مالك قد عرفت ذلك، أن مثله ليس ممن يجري النفقة على النساء، ولا أرى لها قولا بعد ذلك. [ ص: 68 ] نكحته وهو سائل يتكفف الناس،
وكان يقول: إن نكحته و[هي] تعرف عسرته، فحكمها كحكم المرأة التي تنكح موسرا [فيعسر]؛ لأنه قد يوسر بعد العسر، ويعسر بعد اليسر. الشافعي
واختلفوا في القدر الذي ينظر من لا يجد ما ينفق على أهله.
فقال : يؤجل سنة، وكان مالك يقول: ينتظر الشهر، ونحو ذلك من الأيام. حماد بن أبي سليمان
وروي عن أنه قال: اضربوا له [شهرا أو] شهرين. عمر بن عبد العزيز
وقال : لا يؤجل أكثر من ثلاث، ولا تمنع المرأة في الثلاثة أن تخرج فتعمل [أو] تسأل. الشافعي
وكان يقول في الذي لا يجد ما ينفق على زوجته: إذا فرق الإمام بينهما تكون تطليقة واحدة، وتكون عنده على تطليقتين أن يزوجها بعد ذلك، وإن أيسر بعد أن يفرق السلطان بينهما فهو أحق بها ما دامت في العدة. [ ص: 69 ] مالك
وكان يقول في هذا: إذا اختارت فراقه فهي فرقة بلا طلاق. الشافعي
قال: ولا يملك رجعتها وإن أيسر، إلا أن تشاء بنكاح جديد.
وقال أبو عبيد: يكون ذلك انقطاعا للعصمة من غير طلاق يكون له فيه رجعة.