باب وجوب القصاص على من قتل بالحجر.
2528 - أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي المعروف بأبي بكر بن أبي الهيثم ، أنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن يعقوب الزرقي ، قراءة عليه في المحرم سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة، أنا أبو حامد أحمد بن علي الكشميهني ، أنا أبو الحسن علي بن حجر السعدي ، أنا ، أنا يزيد بن هارون ، عن همام ، قتادة ، قال: خرجت جارية عليها أوضاح، فأخذها يهودي، فرضخ رأسها، وأخذ ما عليها من الحلي [ ص: 164 ] فأدركت وبها رمق، فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: "من قتلك؟ فلان؟ " ، قالت: برأسها: لا، قال: "فلان؟ حتى سمى اليهودي"، فقالت برأسها: نعم، فأخذ فاعترف، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرضخ رأسه بين حجرين أنس بن مالك عن .
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن محمد ، وأخرجه حجاج بن منهال ، عن مسلم هداب بن خالد ، كلاهما عن . همام
قوله: "عليها أوضاح" ، قال : يعني: حلي فضة. أبو عبيد
قال غيره: سميت أوضاحا لبياض لونها، والوضح: البياض.
وفيه دليل على أن الرجل يقتل بالمرأة، كما تقتل المرأة به، وهو قول عامة أهل العلم إلا ما حكي عن ، الحسن البصري ، أنهما قالا: لا يقتل الرجل بالمرأة. وعطاء
وفيه دليل على أن القتل بالحجر المثقل الذي يحصل به القتل غالبا يوجب القصاص، وهو قول أكثر أهل العلم، وإليه ذهب ، مالك ، ولم يوجب بعضهم القصاص، إذا كان القتل بالمثقل، وهو قول أصحاب الرأي. [ ص: 165 ] . والشافعي
ولو أوجره سما قاتلا يجب القود، وقال : لا يجب، بل تجب الدية. أبو حنيفة
ولو جعل السم في طعام، فأطعمه الغير، فأكله جاهلا بالحال، فمات، أوجب القود في أحد قوليه، وهو قول الشافعي ، أما إذا وضع الطعام المسموم بين يديه، ولم يقل: كل، فأكله، فمات، فلا شيء عليه. مالك
وفيه دليل على جواز اعتبار جهة القتل، فيقتص من القاتل بمثل فعله، فإن قتل بحجر، أو رمي من شاهق جبل، أو تحريق، أو تغريق يفعل به مثل فعله، يروى ذلك عن ، الشعبي ، وبه قال وعمر بن عبد العزيز ، مالك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق ، وذهب قوم إلى أنه لا يقتص إلا بالسيف، هو قول ، وإليه ذهب عطاء ، سفيان الثوري وأصحاب الرأي ، وهذا إذا قتله بطريق، أذن الشرع في استعماله على وجه من الوجوه، كالرمي بالحجارة، والتحريق، أذن الشرع في فعله بالكفار إذا احتاجوا إليه في الجهاد، وكذلك إجراء الماء عليهم، وهدم البناء، والرمي من الشواهق، ونحوها، فأما إذا قتل رجلا بإيجار الخمر، أو ارتكب منه فاحشة، فكان فيها هلاكه، أو بالسحر فلا يقتص منه بمثل فعله، بل يقتل بالسيف؛ لأن الشرع لم يرد بإباحتها بوجه من الوجوه، إنما هي من الكبائر، وسائر الأفعال تحريمها من أجل الجناية، والتعدي على الغير، فإذا فعل، جوزي بمثله، قال الله سبحانه وتعالى: ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) . [ ص: 166 ] .