الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2455 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، نا أبو جعفر محمد بن غالب تمتام الضبي ، نا قيس بن حفص الدارمي ، نا مسلمة بن علقمة ، نا داود بن أبي هند ، عن شهر بن حوشب ، عن الزبرقان ، عن النواس بن سمعان ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " .

                                                                            اختلف الناس فيما يأمر به الولاة من العقوبات، قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : ما أمر به الولاة من ذلك غيرهم يسعهم أن يفعلوه، فيما كانت ولايته إليهم.

                                                                            وقال محمد بن الحسن : لا يسع المأمور أن يفعله حتى يكون الذي يأمره عدلا، وحتى يشهد عدل سواه على أن على المأمور ذلك، وفي الزنا حتى يشهد معه ثلاثة سواه.

                                                                            وحكي أن عمر بن هبيرة كان على العراق ، قال لعدة من الفقهاء، منهم الحسن والشعبي : إن أمير المؤمنين يكتب إلي في أمور أعمل بها فما [ ص: 45 ] تريان؟ قال الشعبي : أنت مأمور، والتبعة على آمرك.

                                                                            فقال للحسن : ما تقول؟ قال: قد قال هذا، قال: قل، قال: اتق الله يا عمر ، فكأنك بملك قد أتاك، فاستنزلك عن سريرك هذا، فأخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، فإياك أن تعرض لله بالمعاصي، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

                                                                            وروي عن أبي برزة أنه مر على أبي بكر وهو يتغيظ على رجل من أصحابه، وقيل: إن الرجل كان يسب أبا بكر ، فقال أبو برزة : قلت: يا خليفة رسول الله، من هذا الذي تتغيظ عليه؟ قال: فلم تسأل عنه؟ قلت: لأضرب عنقه.

                                                                            وفي رواية قال أبو بكر لأبي برزة : لو قلت لك ذلك أكنت تفعله؟ قال: نعم.

                                                                            فقال: ما كان ذلك لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                            فهذا يؤيد ما قلنا، وهو أن أحدا لا يجب طاعته في قتل مسلم إلا بعد أن يعلم أنه حق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يأمر إلا بحق، ولا يحكم إلا بعدل، وقد يتأول هذا أيضا على أنه لا يجب القتل في سب أحد إلا في سب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية