باب دية أهل الكتاب.
2542 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا ، أنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال ، نا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي ، نا ، نا أبي ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال: فحدثني ابن إسحاق ، عن أبيه، [ ص: 203 ] عن جده، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عام الفتح، ثم قال: عمرو بن شعيب " أيها الناس إنه لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية، فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة ، المؤمنون يد على من سواهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، يرد سراياهم على قعيدتهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم " .
قوله: "لا حلف في الإسلام" قد صح عن ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جبير بن مطعم " لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة " .
قال : "لا حلف في الإسلام" يريد على ما كانوا في الجاهلية، كانوا يتواضعون فيما بينهم بآرائهم. الخطابي
قال الإمام: كان ذلك في الجاهلية بمعنى الأخوة يبنون عليها أشياء جاء الشرع بإبطالها، والأخوة في الإسلام [ ص: 204 ] ثابتة على حكم الشرع، وقد روي عن ، قال: أنس " حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري " .
قال : معنى حالف، أي: آخى، وإلا فلا حلف في الإسلام، كما جاء في الحديث، قال الإمام: يعني على ما كان من حكم الجاهلية. سفيان بن عيينة
واختلف أهل العلم في دية اليهودي، والنصراني إذا كان ذميا أو معاهدا، فذهب قوم إلى أن ديته مثل دية المسلم، روي ذلك عن ، وبه قال ابن مسعود ، الشعبي ، والنخعي ، وهو قول ومجاهد ، سفيان الثوري وأصحاب الرأي ، وذهب جماعة إلى أن ديته نصف دية المسلم، روي ذلك عن ، عروة بن الزبير ، وبه قال وعمر بن عبد العزيز ، مالك ، وابن شبرمة ، غير أن وأحمد قال: إذا كان القتل خطأ، فإن كان عمدا لم يقد به، ويضاعف عليه باثني عشر ألفا. أحمد
وذهب جماعة إلى أن ديته ثلث دية المسلم، روي ذلك عن عمر ، وعثمان ، وهو قول [ ص: 205 ] ، سعيد بن المسيب والحسن ، وعكرمة ، وإليه ذهب ، الشافعي وإسحاق .
وروي عن عمر ، أنه قال: دية اليهودي، والنصراني أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمان مائة .
وهذا قول ، وبه قال سليمان بن يسار ، إن دية المجوسي ثمان مائة درهم، وإليه ذهب مالك . الشافعي
قال الإمام: ودية عبدة الأوثان إذا دخلوا إلينا بأمان مثل دية المجوسي.
وقوله: "لا جلب ولا جنب"، فالجلب يكون في شيئين: يكون في سباق الخيل، وهو أن يتبع الرجل فرسه، ويجلب عليه، ويزجره الزجر الذي يزيد في شأوه، فنهي عن ذلك، بل يجب أن يركضا فرسيهما بتحريك اللجام، والاستحثاث بالضرب بالسوط من غير إجلاب بالصوت.
وقيل معناه: أن يجتمع قوم، فيصطفوا وقوفا من الجانبين، ويجلبوا فنهوا عن ذلك، وقد يكون في الجلب في الصدقات، وهو أن يقدم الساعي، فينزل موضعا، ثم يرسل إلى أرباب المواشي ليجلبوا إليه مواشيهم، فيأخذ صدقتها، فنهي عن ذلك، بل يحضر الساعي دورهم، فإذا أوردوا الماشية الماء، أخذ صدقتها على مياهها، وإذا جزأت الماشية عن الماء حضر بيوتهم، فأخذها في أفنيتهم، وهو معنى قوله: " ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم " .
وأما الجنب، فيفسر أيضا على وجهين، أحدهما: هو أن يجنب فرسا [ ص: 206 ] عريا إلى فرسه الذي يسابق عليه، حتى إذا فتر المركوب، تحول منه إلى المجنوب، يقال: جنبت الفرس أجنبه: إذا قدته، وقد يكون في الصدقة وهو أن أرباب الأموال لا يجنبون، أي: لا يبعدون عن مواضعهم، فيشق على المصدق اتباعهم وطلبهم.