باب المولى يقيم الحد على مملوكه.
2588 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، حدثني عبد العزيز بن عبد الله ، عن الليث سعيد ، عن أبيه، عن ، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول: أبي هريرة " إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت، فليجلدها الحد، ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها، فليبعها ولو بحبل من شعر " .
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن مسلم عيسى بن حماد [ ص: 298 ] المصري ، عن ، ورواه الليث ، عن ابن عيينة ، عن سعيد المقبري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . أبي هريرة
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم، قالوا: يجوز للسيد إقامة الحد على مملوكه دون السلطان، روي ذلك عن ، ابن مسعود ، وروي أن وابن عمر صلى الله عليه وسلم حدت جارية لها زنت، وهو قول فاطمة بنت رسول الله ، الحسن البصري ، وإليه ذهب والزهري ، سفيان الثوري ومالك ، ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق .
قال : لقد أدركت بقايا الأنصار يضربون ولائدهم إذا زنين. ابن أبي ليلى
قال إبراهيم : وكان علقمة ، والأسود يضربان ولائدهما إذا زنين.
وقال قوم: يرفعه إلى السلطان، ولا يقيمه المولى بنفسه.
وهو قول أصحاب الرأي، وقال : في الحديث إيجاب الحد، وإيجاب البيع، لا يجوز أن يمسكها إذا زنت أربعا. أبو ثور
وقوله: "ولا يثرب" ، يعني: لا يعير، والتثريب: التعيير، قال الله سبحانه وتعالى: ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) ، معناه: أنه لا يقتصر على تعييرها وتبكيتها، ويعطل الحد الواجب عليها، وقيل: لا يثربها بعد الضرب.
وفي قوله: "فليبعها ولو بحبل من شعر" ، دليل على أن الزنا عيب في الرقيق يرد به البيع، ولذلك حط من قيمته.
وفيه أن بيع غير المحجور بما لا يتغابن به الناس جائز. [ ص: 299 ] .
وفي الحديث بيان أن حد المماليك الجلد، ولا رجم عليهم، وحدودهم بالجلد على نصف حد الأحرار، قال الله سبحانه وتعالى: ( فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) ، فحد المملوك في الزنا خمسون جلدة، وفي القذف أربعون، وفي الشرب عشرون.
روي عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، قال: أمرني رضي الله عنه في فتية من قريش، فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزنا. عمر بن الخطاب
وعن ، قال: أدركت عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عمر بن الخطاب ، والخلفاء هلم جرا، ما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين. وعثمان بن عفان
وسئل عن حد العبد في الخمر، فقال: بلغنا أن ابن شهاب ، عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان جلدوا عبيدهم نصف حد الحر في الخمر. وعبد الله بن عمر
واختلفوا في تغريب المملوك إذا زنى، فظاهر الحديث يدل على أنه لا يغرب، وهو أحد قولي . الشافعي
والثاني: أنه يغرب نصف سنة، واختاره المزني ، وقيل: سنة كالحر، كما أن مدة العنة يستوي فيها الحر والعبد.
وروي عن ، أن عبدا من رقيق الإمارة وقع على وليدة من الخمس، فاستكرهها [ ص: 300 ] حتى اقتضها، فجلده صفية بنت أبي عبيد عمر الحد، ونفاه، ولم يجلد الوليدة، من أجل أنه استكرهها.