فقال : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين .
فقد يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، ويعلم الخطرة والهمة ، ويعلم جميع ما توسوس النفوس به ، يسمع [ ص: 142 ] ويرى ، وهو بالنظر الأعلى لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرضين إلا وقد أحاط علمه به ، وهو على عرشه سبحانه العلي الأعلى . أحاط علمه بجميع ما خلق في السماوات العلا ، وما في الأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى ،
ترفع إليه أعمال العباد ، وهو أعلم بها من الملائكة الذين شهدوها وكتبوها ، ورفعوا إليه بالليل والنهار ، فجل ربنا وتعالى عما ينسبه إليه الجاحدون ، ويشبهه به الملحدون .
أوما سمع الحلولي الملحد قول الله تعالى : أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا .
وقوله لعيسى : إني متوفيك ورافعك إلي .
وقال : بل رفعه الله إليه .
وقال : وهو القاهر فوق عباده .
وقال : من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه .
وقال : رفيع الدرجات ، ومثل هذا كثير في كتاب الله عز وجل .
ثم ذم ربنا تعالى ما سفل ، ومدح ما علا ، فقال : إن كتاب الأبرار لفي عليين يعني السماء السابعة والله تعالى فيها . [ ص: 143 ]
وقال : إن كتاب الفجار لفي سجين ، يعني الأرض السفلى ، فزعم الجهمي الحلولي أن الله هناك حيث يكون كتاب الفجار الذي ذمه الله وسفله ، تعالى الله عما يزعم هؤلاء علوا .
وقال : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، فذم الأسفل .
وقال : نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ، وعاقب الله آدم وحواء حين عصيا بأن أهبطهما وأنزلهما .