[ ص: 10 ] ( الخامس )
قال : ابن عبد البر . كذا قال وخالفه في ذلك الجمهور ، وقال الإمام المحقق لا يكون السؤال إلا لمؤمن أو منافق كان منسوبا إلى دين الإسلام بظاهر الشهادة بخلاف الكافر ابن القيم رحمه الله تعالى في الروح : القرآن والسنة تدل على خلاف هذا القول بل السؤال للكافر والمسلم ، قال الله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنها نزلت في عذاب القبر كما تقدم فإن في الأحاديث الكافر والفاجر واسم الفاجر في عرف القرآن والسنة يتناول الكافر قطعا ومنه قوله تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين . ونحو هذا في كتاب العاقبة للحافظ وصوبه عبد الحق الإشبيلي القرطبي في التذكرة ، وانتصر الجلال السيوطي وفيما قاله نظر . لابن عبد البر
ومثل هذا ما اختاره المحقق ابن القيم والحافظ وغيرهما من أن سؤال القبر ليس بخاص بهذه الأمة بل غيرها تساويها في ذلك وجزم به أيضا عبد الحق الإشبيلي القرطبي في التذكرة ، وقال : إنه خاص بهذه الأمة ، وتوقف الحكيم الترمذي وانتصر ابن عبد البر السيوطي في هذا ، قال الإمام المحقق للحكيم الترمذي ابن القيم في الروح بعد ذكره الأقوال الثلاثة : والظاهر - والله أعلم - أن كل نبي مع أمته كذلك - يعني يسأل عنه كنبينا صلى الله عليه وسلم مع أمته - وأنهم يعذبون في القبور بعد السؤال وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة .
واستدل على عدم السؤال أن الأمم قبل هذه الأمة كانت الرسل تأتيهم بالرسالة فإذا أبوا كفت الرسل واعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب . قال فلما بعث الله الحكيم الترمذي محمدا صلى الله عليه وسلم بالرحمة أمسك عنهم العذاب وأعطى السيف حتى يدخل في دين الإسلام من دخل لمهابة السيف ثم يرسخ الإيمان في قلبه ، فمن هنا ظهر النفاق فكانوا يسرون بالكفر ويعلنون الإيمان وكانوا بين المؤمنين في ستر فلما ماتوا قيض الله لهم فتاني القبر ليستخرج أمرهم بالسؤال وليميز الله الخبيث من الطيب .
وفيما قاله مقال من عدة أوجه نبهت على بعضها في البحور الزاخرة منها ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية روح الله روحه في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح أن [ ص: 11 ] المعروف عند أهل العلم أنه بعد نزول التوراة لم يهلك تعالى مكذبي الأمم بعذاب سماوي يعمهم كما أهلك قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار كما أمر بني إسرائيل على لسان موسى بقتال الجبابرة ، وقول يوشع للكفار مشهور وكذا داود وسليمان وغيرهم من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .