قد كثرت الأقوال في المهدي حتى قيل لا مهدي إلا عيسى ، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم .
وقد روى الإمام الحافظ ابن الإسكاف بسند مرضي إلى رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " جابر بن عبد الله من كذب بالدجال فقد كفر ومن كذب بالمهدي فقد كفر " .
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ويظهر الإسلام ولا يخلف الله وعده وهو سريع الحساب " . أخرجه الحافظ ، وأخرج نحوه أبو نعيم الأصفهاني أبو عمرو المقري من حديث مرفوعا ، ومن حديث أبي هريرة قيس بن جابر عن أبيه عن جده مرفوعا وفيه " المهدي من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا " رواه ثم يخرج أبو نعيم في فوائده وأخرجه في معجمه ، ومن حديث الطبراني أخرجه أبي سعيد الخدري أبو نعيم .
ومن حديث أخرجه ابن عباس في تاريخه ، ومن حديث ابن الجوزي علي أخرجه أبو داود والترمذي في سننهم ، وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي فالإيمان بخروج والنسائي المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة وكذا عند أهل الشيعة أيضا لكنهم زعموا أنه كما تقدم . محمد بن الحسن العسكري
وزعمت الكيسانية أن المهدي هو وأنه حي مقيم محمد ابن الحنفية بجبل رضوى وأنه بين أسدين يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل فزعموا أنه دخل إليه ومعه أربعين من أصحابه ولم يوقف لهم على خبر . قالوا وهم أحياء يرزقون ويقولون إنه يعود بعد الغيبة ويملأ الأرض [ ص: 85 ] عدلا كما ملئت جورا ، قالوا وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه إلى وقيل إلى عبد الملك بن مروان . وإلى هذا الاعتقاد أشار يزيد بن معاوية بقوله : كثير عزة
وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء تغيب لا يرى فيهم زمانا
برضوى عنده عسل وماء
وكان على هذا المذهب وهو القائل : السيد الحميري
ألا قل للإمام فدتك نفسي أطلت بذلك الجبل المقاما
وجبل رضوى بفتح الراء وبعدها ضاد معجمة وبعد الواو ألف كسكرى هو جبل جهينة في عمل الينبع بينهما مسيرة يوم واحد وهو من المدينة على سبع مراحل وميامنه طريق المدينة ومياسره طريق البر لمن كان مصعدا إلى مكة وهو على ليلتين إلى البحر ، وكان الخبيث المشهور يدعو إلى إمامة المختار بن أبي عبيد الثقفي رضي الله عنه وعن أبيه محمد ابن الحنفية ، وكان علي بن أبي طالب المختار يزعم أن محمدا هذا هو المهدي .
قال الجوهري في الصحاح كيسان لقب المختار المذكور . واقتصر عليه في القاموس أيضا ، وقال غيرهما كيسان مولى علي رضوان الله عليه .
وقيل إن كيسان تلميذ علي ، وهؤلاء الكيسانية إحدى فرق الضلال كما مر في تعداد الفرق فعلى عقولهم الدمار وعلى أفعالهم البوار ما أضل علومهم وأبلد فهومهم . وبالله التوفيق .