( الثانية )
( في ذكر القحطاني والجهجاه والهيثم والمقعد وهؤلاء بعد موت خروج المهدي ) أخرج أبو الشيخ من حديث ، رضي الله عنه ، مرفوعا " أبي هريرة ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال ويموت ، فيستخلفون - يعني بعد وفاة سيدنا عيسى عليه السلام بأمره - رجلا من بني تميم يقال له المقعد ، فإذا مات المقعد لم يأت على الناس ثلاث سنين حتى يرفع القرآن من صدور الرجال " ويبدأ النقص ليوافق ما يأتي من بقاء الدين مدة مديدة بعد سيدنا عيسى عليه السلام .
والظاهر والله أعلم أن هذا التميمي الملقب بالمقعد هو شعيب بن صالح أحد الأمراء والوزراء للمهدي بل هو أحد الممهدين ، والظاهر أنه يبقى أميرا في نواحي الشرق ثم يستدعيه عيسى عليه السلام بعد وفاة المهدي عند خروج ذي السويقتين على مكة ونواحيها فيقتلهم ويسبيهم حتى يباع الحبشي بالعباءة ، ثم عند وفاة سيدنا المسيح يوصي له بالأمر لما يرى فيه من الكفاءة لذلك والقيام بأعباء الدين .
ولم أر هذا [ ص: 127 ] التحرير لغيري فإن لم يكن هو شعيب بن صالح وإلا فهو أحد الأمراء الذين كان يلقى عليهم أعباء الأمر ، أو الذي يلي إمارة الشرق من بعد شعيب إن كان هو قد مات ويكون هذا يلقب بالمقعد .
وأخرج مسلم في صحيحه عن رضي الله عنه مرفوعا " لا أبي هريرة الجهجاه " . تذهب الأيام والليالي حتى يملك الناس رجل يقال له
وأخرج ، البخاري ومسلم ، وغيرهما عنه مرفوعا " قحطان يسوق الناس بعصاه " . لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من
وأخرج في " معجمه الكبير " الطبراني وابن منده ، وأبو نعيم ، ، عن وابن عساكر قيس بن جابر ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال " ستكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك جبابرة ثم يخرج من أهل بيتي المهدي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه " .
وأخرج ، عن نعيم بن حماد سليمان بن عيسى ، قال : بلغني أن المهدي يملك أربعة عشر سنة بيت المقدس ثم يموت ثم يكون من بعده رجل من قوم تبع يقال له المنصور يعني القحطاني يمكث ببيت المقدس إحدى وعشرين سنة . قلت هذا لا يلتئم أن يكون هو شعيب بن صالح التميمي لأن بني تميم ليسوا من اليمن ولا من قحطان وإن وافقه في تلقيبه بالمنصور .
ثم يقتل هذا القحطاني ثم يملك المولى يعني الجهجاه ويمكث ثلاث سنين ثم يقتل ثم يملك بعده الهيثم المهدي ثلاث سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام .
وهذا المهدي غير الأول وكأنه لقب بذلك لحسن سيرته وصفاء سريرته .
والحاصل أن الواجب اعتقاده من ذلك ما دلت عليه الأخبار والآثار الصريحة من وجود المهدي المنتظر الذي يخرج الدجال ، وسيدنا عيسى ابن مريم في زمنه ويصلي عيسى عليه السلام خلفه صلاة الفجر وهو المراد حيث أطلق المهدي .
وأما المذكورون قبله فلم يصح فيهم شيء والذين من بعده فأمراء صالحون لكن ليسوا مثله فهو آخرهم في الوجود وإمامهم وخيرهم وأفضلهم في الحقيقة والمراد غير سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام فإنه رسول كريم من أولي العزم وهو آية وعلامة وحده . فيجب الإيمان بنزوله ، ويجب الإيمان أيضا بخروج الدجال اللعين ، وأن سيدنا عيسى يقتله بباب لد عند بئر الزئبق ، ويجب الإيمان بخروج [ ص: 128 ] يأجوج ومأجوج وبأن الكعبة يهدمها ذو السويقتين في آخر الزمان والله تعالى المستعان .