( الثـاني )
اختلف العلماء في ؟ فقال حشر الناس من المشرق إلى المغرب هل هو يوم القيامة أو قبله القرطبي والخطابي وصوبه إن هذا الحشر يكون قبل يوم القيامة ، وأما الحشر من القبور فهو على ما في حديث القاضي عياض رضي الله عنهما مرفوعا كما في الصحيحين وغيرهما " ابن عباس " . إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا
وقال الحكيم الترمذي ، هو يوم القيامة ويدل له حديث وأبو حامد الغزالي رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما مرفوعا " أبي هريرة تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا وتحشر بقيتهم النار " قال أهل هذا القول إن هذا الحديث كالتفسير لقوله تعالى : ( يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين ، اثنان على بعير وثلاثة وعشرة على بعير وكنتم أزواجا ثلاثة ) قال الحافظ ابن حجر ويؤيده حديث أبي ذر عند ، الإمام أحمد ، والنسائي والبيهقي حدثني الصادق المصدوق : فوج يحشرون طاعمين كاسين راكبين ، وفوج تسحبهم الملائكة الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج - الحديث . أن
وفي حديث رضي الله عنهما ما يباين حديث ابن عباس أبي ذر ( والجمع ) أن الحشر يعبر به عن النشر أيضا لاتصاله به ، وهو أي النشر إخراج الناس من قبورهم كما يأتي فيخرجون حفاة عراة يساقون ويجتمعون إلى الموقف للحساب ، ثم يحشر المتقون ركبانا على الإبل والمجرمون على وجوههم .
وقال بعضهم يخرجون من القبور على ما في حديث وأن الحشر إذا أطلق يراد به شرعا الحشر من القبور ما لم يخصه دليل . أبي هريرة
( وأيضا ) التقسيم المذكور في الخبر لا يستقيم في الحشر إلى أرض الشام لأن المهاجر [ ص: 156 ] لا بد أن يكون راغبا أو راهبا أو جامعا بين الصفتين ( وأيضا ) حشر بقية الناس وإلجاء النار لهم إلى تلك الجهة وملازمتها حتى لا تفارقهم قول لم يرد به التوقيف وليس لنا أن نحكم بتسليط النار على أهل الشقوة من غير توقيف .
( وأيضا ) الحديث يفسر بعضه بعضا وقد وقع في طريق لحديث بلفظ ثلثا على الدواب وثلثا ينسلون على أقدامهم وثلثا على وجوههم قال ونرى هذا التقسيم نظير التقسيم الذي في سورة الواقعة ( أبي هريرة وكنتم أزواجا ثلاثة ) فقوله في الحديث راغبين راهبين يريد عموم المؤمنين المخلطين عملا صالحا وآخر سيئا وهم أصحاب الميمنة . وقوله اثنان على بعير . . إلخ يريد السابقين وهم أفاضل المؤمنين ركبانا . وقوله وتحشر بقيتهم النار ، يريد أصحاب المشأمة ، ويحتمل أن البعير يحمل العشرة دفعة واحدة لأن ذلك يكون من بديع قدرة الله فيقوى على ما يقوى عليه عشرة أبعرة من بعران الدنيا . ويحتمل أن يتعاقبوه . انتهى ملخصا .
وانتصر لقول القاضي عياض الخطابي والقرطبي بأن حديث تقيل معهم وتبيت وتصبح وتمسي يؤيدان الحشر في الدنيا إلى أبي هريرة الشام لأن هذه الأوصاف مختصة بالدنيا ، وقوله اثنان على بعير إلى عشرة - يريد أنهم يعتقبون البعير الواحد يركب بعض ويمشي بعض وذلك لقلة الظهر كما في بعض الأحاديث ، انتهى ملخصا .
ورجح هذا الطيبي وتعقب ذلك البعض وأجاب عما استدل به بما يطول ، ( ثم قال الطيبي ) بعد ما انتصر للخطابي والقرطبي وزيف كلام ذلك البعض بما حاصله : ثم رأيت في صحيح في باب الحشر : يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق . فعلمت من ذلك أن الذي ذهب إليه التور بشتى من أن ذلك في الآخرة هو الحق الذي لا محيد عنه . انتهى . البخاري
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد نقله ما تقدم عن الطيبي قلت لم أقف في شيء من طرق الحديث الذي خرجه على لفظ يوم القيامة في صحيحه ولا في غيره وكذا هو عند البخاري مسلم ، والإسماعيلي وغيرهما ليس فيه يوم القيامة .
ثم اختار هو أنه يتعين كون ذلك في الدنيا لما وقع فيه أن الظهر يقل لما يلقى عليه من الآفة وأن الرجل يشتري الشارف الواحد بالحديقة المعجبة فإن ذلك ظاهر جدا في أنه من أحوال الدنيا .
قال في [ ص: 157 ] الإشاعة فثبت أن الحق أن النار قبل يوم القيامة . قلت وهو كما قال . وبالله التوفيق .