( الرابع ) عند أكثر علمائنا منهم القاضي للعامي أن يقلد المفضول مع وجود الفاضل من المجتهدين وأبو الخطاب في روضته ، وقاله الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية ، وقيل : يصح إن اعتقده فاضلا أو مساويا لا إن اعتقده مفضولا ، لأنه ليس من القواعد أن يعدل عن الراجح إلى المرجوح ، وقال والإمام الموفق الإمام ابن عقيل وابن سريج والقفال والسمعاني : يلزمه الاجتهاد فيقدم الأرجح ، ( وفي ) معناه قول أبي القاسم الخرقي في المقنع ، والإمام الموفق - رضي الله عنه - روايتان ، واستدل للأول بأن المفضول من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - ومن السلف كان يفتي مع وجود الفاضل مع الاشتهار والتكرار ، ولم ينكر ذلك أحد ، فكان إجماعا على جواز استفتائه ، مع القدرة على استفتاء الأفاضل وبظاهر قوله تعالى : ( والإمام أحمد فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) وأيضا العامي لا يمكنه الترجيح لقصوره ، ولو كلف بذلك لكان تكليفه بضرب من الاجتهاد ، وإن زيف ذلك زاعما أن الترجيح يظهر بالتسامع ورجوع العلماء إليه وغيره ، لكثرة المستفتين وتقديم العلماء له . انتهى . لكثرة جهات التفضيل كما سبق وإيجاد أشياء في المفضول ببعضها ما يفضل الفاضل ، والله أعلم . ابن الحاجب
قوله : ( ( فاسمع تخل ) ) أي فاسمع نظامي ، وما أشرت إليه من لزوم كل مكلف لم يبلغ رتبة استخراج الأحكام من معادنها ولا استنباط الأدلة من مكانها التقليد والاقتداء بأحد أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، وقوله : تخل أي تظن وتعلم ذلك لأن الإنسان قبل سماعه يكون خالي الذهن ، فإذا سمع الكلام وتأمل ما فيه من أحكام علم أو ظن لزوم ذلك على ذوي الأفهام ، وأصله مثل يقوله الرجل إذا بلغه شيء [ ص: 468 ] من رجل فاتهمه ، وقيل : معناه أنه من يسمع أخبار الناس ومناقبهم ومثالبهم يقع في نفسه أثر ذلك من خير أو شر ، ولفظ المثل : " من يسمع يخل " أي من يسمع خبرا يحدث له ظن ، فحذف المفعولين اقتصارا لإفادة تجدد الفعل أو حدوثه .