الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث إبراهيم: "أنه قال: كان يعجبهم أن يكون للغلام إذا نشأ صبوة".  

أخبرناه ابن الأعرابي، نا الصائغ ، نا قبيصة، نا سفيان، عن رجل، عن إبراهيم.

الصبوة: مصدر صبا الرجل يصبو صبا وصبوة، إذا مال إلى الهوى، وأنشدني أبو عمر: أنشدنا ثعلب:


وما يستوي الصابي ومن ترك الصبا وإن الصبا للعيش لولا العواقب

وإنما كان يعجبهم ذلك منه، وإن كان ترك الصبا أسلم له; لأنه إذا تاب وارعوى كان أشد لاجتهاده في الطاعة، وأكثر لندمه على ما فرط منه، وأبعد له من أن يعجب بعمله أو يتكل عليه.

وأخبرني ابن الزئبقي، نا موسى بن زكريا، نا نصر بن علي، نا عيسى بن يونس، عن الأعمش، وذكر هذا الكلام عن إبراهيم فقال: "يخاف ويحذر ويجتهد".

قال أبو سليمان: وشبيه بهذا قول الحسن: "إن الرجل ليذنب الذنب، فما يزال كيسا حتى يلقى ربه".

ومثله قول أبي حازم، أخبرناه ابن الأعرابي، نا أحمد بن زيد القزاز، حدثنا حسين المروزي، عن ابن المبارك قال: قال أبو حازم: "إن الرجل [ ص: 125 ] ليعمل السيئة، إن عمل حسنة قط أنفع له منها، وإنه ليعمل الحسنة، إن عمل سيئة قط أضر عليه منها".

قال ابن الأعرابي: معناه أن يعمل الذنب، فلا يزال منه مشفقا وجلا أن يعاوده، فينفعه ذلك، ويعمل الحسنة، فيحتسب بها على ربه، ويعجب بها وينسى فضل الله عليه فيها، فتهلكه.

قال أبو سليمان: وفي قول إبراهيم وجه آخر: وهو إنما حمدها له; لئلا يؤتى من ناحية الغفلة، فيقع في الشر وهو لا يعلم.

وهذا كما يروى عن عمر بن عبد العزيز أو غيره، وقيل له: إن فلانا لا يعرف الشر، قال: "أحرى أن يقع فيه".

وفي نحو منه قول سفيان الثوري: "من لم يتفت لم يحسن أن يتقرأ".

حدثنيه أحمد بن عبدوس، نا محمد بن عبد الأحد، نا أبو هشام الرفاعي، نا يحيى بن يمان، عن سفيان.

التالي السابق


الخدمات العلمية