الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: أن خيلا أغارت على سرح المدينة فخرج رسول الله وجاء أبو قتادة وقد رجل شعره فقال [ ص: 573 ] رسول الله: "إني لأرى شعرك حبسك" فقال: لآتينك برجل سلم.

يرويه أبو بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن أبي هلال، عن محمد بن سيرين.

قوله: سلم: أي أسير، وإنما قيل للأسير سلم لأنه قد أسلم وخذل.  قال الفرزدق:


وقوفا بها صحبي علي كأنني بها سلم في كف صاحبه ثأر

ومثله: قوم سلم، الواحد والجميع سواء ؛ قال الشاعر:


فاتقين مروان في القوم السلم



وهذا كما قيل: رجل خصم، وقوم خصم، ورجل عدو، وقوم عدو، قال الله تعالى: وهم لكم عدو . ويقال: إنما سمي اللديغ سليما ؛ لأنه مستسلم لما به.

أخبرني أبو عمر، أنا أبو العباس ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: سألت أبا المكارم عن السليم فقال: سمي سليما لأنه مستسلم لما به. قال: وسميت مفازة؛ لأن من قطعها فاز بالحياة.

وقال بعضهم: إنما سميت مفازة من قولهم: فوز الرجل إذا مات يريد أنها مهلكة، وأنشد قول الكميت:


وما ضرني أن كعبا ثوى     وفوز من بعده جرول



[ ص: 574 ] فأما عامة أهل اللغة الأصمعي وغيره فإنهم قالوا: سمي سليما على مذهب التطير ليسلم كما سميت مفازة ليفوز.

فأما حديثه الآخر أنه أخذ ثمانين رجلا من أهل مكة سلما.

أخبرناه ابن داسة، نا أبو داود، نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، أنا ثابت، عن أنس.

معناه أنهم استسلموا فأعطوا بأيديهم، ومنه قوله تعالى: وألقوا إليكم السلم أي المقادة واستسلموا لكم.

التالي السابق


الخدمات العلمية