الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: أن وفد ثقيف لما انصرف كل رجل منهم إلى حامته قالوا: أتينا رجلا فظا غليظا قد أظهر السيف، وأداخ العرب ودان له الناس، وكان لهم بيت يسمونه الربة، كانوا يضاهون به بيت الله الحرام، وكان يستر ويهدى إليه، فلما أسلموا جاء المغيرة بن شعبة فأخذ الكرزين فهدمها، فبهتت ثقيف، وقالت عجوز منهم: أسلمها الرضاع، وتركوا المصاع.

حدثناه محمد بن يحيى الشيباني، نا الصائغ، نا الحزامي، عن محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب.

حامة الرجل: خاصة أهله، وهي السامة أيضا. يقال: كيف السامة والعامة؟ قال العجاج:


هو الذي أنعم نعمى عمت على الذين أسلموا وسمت



[ ص: 580 ] وقال ابن الأعرابي: المسمة الخاصة، والمعمة العامة، وقوله: أداخ العرب معناه أذلهم. يقال: أدخت الرجل فداخ لي، أي ذل وانقاد. قال الشاعر:


حتى يدوخ من كان عادانا



وقوله: دان له الناس.  يريد أطاعوه كرها، والدين الطاعة. والكرزين: الفأس، وهو الكرزن أيضا. والرضاع: اللئام، جمع راضع؛ من قولهم: لئيم راضع، وهو الذي لا يحلب الغنم، لكن يرضعها ؛ لئلا يسمع صوت الحلب، ويقال: بل هو الذي رضع اللؤم من أمه، أي ولد لئيما. والمصاع: المضاربة بالسيوف، يريد أنهم خذلوها ولم يقاتلوا دونها، قال الأعشى:


هناك مصاع باللطائم بيننا     ولكنه لم يدم هاما وجمجما

وقال القطامي:


تراهم يغمزون من استركوا     ويجتنبون من صدق المصاعا



التالي السابق


الخدمات العلمية