حدثنيه الثقة من أصحابنا، نا نا الهيثم بن كليب، إسحاق بن إبراهيم، نا حجاج، نا حماد، نا عن رجل من الأزرق بن قيس، بني تميم قال: سمعت يحدثه عن رسول الله. أبا ذر
المغلة: أصلها وجع يأخذ الغنم في بطونها. يقال: عند ذلك أمغلت: أي أصابها ذلك الوجع. ومنه قيل مغل الرجل بصاحبه إذا وقع فيه، يريد [ ص: 585 ] أنه عضه بكلام أوجعه، فمغل الصدر: ما يجده الواجد في صدره من الغل والفساد.
وهذا كحديثه الآخر أنه قال: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر يذهب بوحر الصدر".
وقد فسره أبو عبيد في كتابه وقد يروى هذا الحرف بالتثقيل، فيقال: مغله الصدر من الغل، كقوله: "ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائه".
قال أبو عبيد: يروى يغل ويغل، فمن قال يغل بالفتح فإنه يجعله من الغل، وهو الضغن والشحناء، ومن قال: يغل بضم الياء جعله من الخيانة من الإغلال.
قال : أما وجه الكلام وإعرابه فعلى ما ذكره أبو سليمان أبو عبيد، وأما تأويله ومعناه فإنه يريد -والله أعلم- أن هذه الخلال الثلاث مما لا يخالج القلب ريب أنهن بر وطاعة ؛ لأنها من المعروف الذي تعرفه النفوس، وتسكن إليه القلوب.
وهذا كحديثه الآخر أنه سئل عن البر والإثم فقال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حك في نفسك".
[ ص: 586 ] وفيه وجه آخر، وهو أن يكون أراد أن القلب يستصلح بهذه الخصال ويعالج نغله وفساده بها، وأن من تمسك بها لم يجد غلا في قلبه على أحد يحض على لزومها والمحافظة عليها، وكان أبو أسامة حماد بن أسامة القرشي يرويه لا يغل بالتخفيف هكذا حدثونا، عن موسى بن إسحاق الأنصاري، عن عن أبي كريب، فإن كان محفوظا فوجهه أن يكون مأخوذا من الوغول، وهو الدخول في الشر، وقلما يقال الوغول في الخير. ومنه قيل للرجل الذي يدخل مع القوم في الشرب ولا يخرج معهم شيئا واغل. أبي أسامة،
قال امرؤ القيس:
فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل
وبذلك سمي الرجل الدنيء وغلا. ويقال: وغل على القوم في الشراب إذا لم يدع إليه.ورشن في الطعام وبه سمي الطفيلي راشنا. وهو الوارش أيضا، وهو الشولقي أيضا.