الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: أنه قال لأبي بن كعب: "إن ربي أمرني أن أقرأ عليك القرآن"، قال أبي: وسماني لك؟  قال: "وسماك لي فبكى أبي".

أخبرناه إسماعيل بن محمد الصفار، نا الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة، عن أنس.

[ ص: 587 ] وجه هذا أن تكون قراءته القرآن على أبي إنما هو ليحفظه أبي ويتلقفه من فيه، فلا يتخالجه عند اختلاف القراءات بعده شك، ولا يتداخله ريب، وذلك أنه خاف عليه الفتنة في هذا الباب.

حدثنا ابن السماك، نا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، نا يحيى بن سعيد القطان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة خلاف قراءة صاحبه، فقمنا جميعا فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه قال: فقلت: يا رسول الله، إن هذا دخل فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه، فقال لهما رسول الله: "اقرآ" فقرآ، فقال: "أصبتما"، فلما قال لهما النبي عليه السلام الذي قال، كبر علي، ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى الذي غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله فرقا، فقال: "يا أبي إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إلي أن أقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إلي أن أقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها، قال: قلت: اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يحتاج إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام".

وأخبرناه ابن الأعرابي، نا الزعفراني، نا يزيد بن هارون، نا العوام بن حوشب، نا أبو إسحاق الهمداني، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب بمعناه.

[ ص: 588 ] ولا وجه للحديث أعلمه غير هذا، إذا لا يجوز أن يكون أحد أقرأ لكتاب الله وأوعى له وأعلم به من رسول الله، وقد نزل به الروح الأمين على قلبه ؛ ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين.

التالي السابق


الخدمات العلمية