ألا يا حمز ذا الشرف النواء
فخرج إليهما فجب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وأخذ أكبادهما، فنظرت إلى منظر أقطعني، فانطلقت إلى رسول الله فخرج ومعه حتى وقف عليه، فتغيظ عليه فرفع رأسه إليه، وقال: هل أنتم إلا عبيد آبائي قال: فرجع رسول الله يقهقر. زيد بن حارثة أن
حدثناه نا ابن السماك، نا أبو قلابة الرقاشي، نا أبو عاصم، أخبرني ابن جريج، عن ابن شهاب، علي بن حسين بن علي، عن أبيه، عن وفي رواية أخرى علي. فغنته الكرينة.
[ ص: 652 ] كان يرويه ذا الشرف النوى: بفتح الشين والراء في الشرف، وفتح النون في النوى، وقصره على وزن اللوى، وهكذا يرويه أكثر المحدثين. ابن السماك
وأخبرني أبو بكر القفال، عن أنه رواه أيضا كذلك وفسره، فقال: النوى البعد، والنوى جمع النواة. محمد بن جرير الطبري
قال : والرواية والتفسير معا غلط، وإنما هو النواء مكسورة النون ممدودة الألف على وزن الرواء، وأنشدنيه أبو سليمان أبو عمر:
ألا يا حمز ذا الشرف النواء وهن معقلات بالفناء
والشرف: جمع الشارف، وهي المسنة من النوق، ومنه حديث أن رسول الله صلى الله عليه قال: أبي هريرة: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، أناخ بكم الشرف الجون"، قالوا: يا رسول الله، وما الشرف الجون؟ قال: "فتن كقطع الليل المظلم".
قال ابن الأنباري: الشرف هاهنا فتن تتصل أوقاتها وتطول أزمانها حتى تصير كالشرف من الإبل، وهي النوق المسان، والنواء: السمان. والني: السمن. قال يقال نوت الناقة تنوي فهي ناوية، وهن نواء. وقال الأصمعي: يعقوب: نوت نواية ونواية.
قال الراجز:
لطال ما جررتكن جرا حتى نوى الأعجف واستمرا [ ص: 653 ]
وقوله: يقهقر. قال أبو عمرو القهقرى: الإحضار فيكون على هذا أنه أسرع في الانصراف. وقال يقال رجع القهقرى إذا رجع وراءه ووجهه إليك. والكرينة: المغنية. وقد احتج بعض أهل العلم بهذا الحديث في الأخفش: وقالوا: لو لزم السكران ما يكون منه في حال سكره كما يلزمه في حال صحوه لكان المخاطب رسول الله بما استقبله به إبطال أحكام السكران، حمزة كافرا مباح الدم.
قال : وقد ذهب على هذا القائل أن ذلك منه إنما كان قبل تحريم الخمر، وفي زمان كان شربها مباحا، وإنما أبو سليمان أحد. قال حرمت الخمر بعد غزوة جابر: اصطبح ناس الخمر يوم أحد، ثم قتلوا آخر النهار شهداء. فأما وقد حرمت فشربها معصية، وما تولد منها لازم، ورخص الله لا تلحق العاصين.