وكذلك إذا - لا حد عليه عند نكح محارمه أو الخامسة أو أخت امرأته فوطئها وإن علم بالحرمة ، وعليه التعزير ، وعندهما أبي حنيفة - رحمهم الله تعالى - عليه الحد ، والأصل عند والشافعي عليه الرحمة أن النكاح إذا وجد من الأهل مضافا إلى محل قابل لمقاصد النكاح - يمنع وجوب الحد ، سواء كان حلالا أو حراما ، وسواء كان التحريم مختلفا فيه أو مجمعا عليه ، وسواء ظن الحل فادعى الاشتباه أو علم بالحرمة ، والأصل عندهما أن النكاح إذا كان محرما على التأبيد أو كان تحريمه مجمعا عليه يجب الحد ، وإن لم يكن محرما على التأبيد أو كان تحريمه مختلفا فيه لا يجب عليه . أبي حنيفة
( وجه ) قولهم أن هذا نكاح أضيف إلى غير محله فيلغو ، ودليل عدم المحلية أن محل النكاح هي المرأة المحللة ; لقوله سبحانه وتعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } والمحارم محرمات على التأبيد ; لقول الله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } الآية إلا أنه إذا ادعى الاشتباه ، وقال : ظننت أنها تحل .
لي سقط الحد ; لأنه ظن أن صيغة لفظ النكاح من الأهل في المحل دليل الحل فاعتبر هذا الظن في حقه ، وإن لم يكن معتبرا حقيقة إسقاطا لما يدرأ بالشبهات ، وإذا لم يدع خلا الوطء عن الشبهة فيجب الحد .
( وجه ) قول - رحمه الله - أن لفظ النكاح صدر من أهله مضافا إلى محله فيمنع وجوب الحد ، كالنكاح بغير شهود ، ونكاح [ ص: 36 ] المتعة ونحو ذلك ، ولا شك في وجود لفظ النكاح والأهلية ، والدليل على المحلية - أن محل النكاح هو الأنثى من بنات سيدنا أبي حنيفة آدم عليه الصلاة والسلام - النصوص والمعقول ، أما النصوص ، فقوله سبحانه وتعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } ، وقوله سبحانه وتعالى { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها } ، وقوله سبحانه وتعالى { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى } جعل الله سبحانه وتعالى النساء على العموم والإطلاق محل النكاح والزوجية .
وأما المعقول ; فلأن الأنثى من بنات سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام محل صالح لمقاصد النكاح من السكنى والولد والتحصين وغيرها ، فكانت محلا لحكم النكاح ; لأن حكم التصرف وسيلة إلى ما هو المقصود من التصرف ، فلو لم يجعل محل المقصود محل الوسيلة لم يثبت معنى التوسل ، إلا أن الشرع أخرجها من أن تكون محلا للنكاح شرعا مع قيام المحلية حقيقة ، فقيام صورة العقد والمحلية يورث شبهة ، إذ الشبهة اسم لما يشبه الثابت وليس بثابت ، أو نقول : وجد ركن النكاح والأهلية والمحلية على ما بينا ، إلا أنه فات شرط الصحة فكان نكاحا فاسدا ، والوطء في النكاح الفاسد لا يكون زنا بالإجماع ، وعلى هذا ينبغي أن يعلل فيقال : هذا الوطء ليس بزنا .
فلا يوجب حد الزنا قياسا على النكاح بغير شهود وسائر الأنكحة الفاسدة .