ولا تجوز في قول الوصية بسكنى داره ، أو خدمة عبده أو ظهر فرسه للمساكين - عليه الرحمة - ، ولا بد من أن يكون ذلك لإنسان معلوم . أبي حنيفة
وعندهما - رحمهما الله - تجوز الوصية بذلك كله للمساكين ، كذا ذكر في مختصره ، وذكر في الأصل ، والوصية بسكنى الدار ، وخدمة العبد أنها لا تجوز ، ولم يذكر فيها الاختلاف ، وإنما ذكره في الوصية بظهر الفرس . الكرخي
( وجه ) قولهما أن الوصية للمساكين وصية بطريق الصدقة ، والصدقة إخراج المال إلى الله سبحانه وتعالى ، والله عز وجل واحد معلوم ، ولهذا جازت الوصية بسائر الأعيان للمساكين فكذا بالمنافع ، رضي الله عنه أن الموصى له بالخدمة . ، ولأبي حنيفة
والركوب ، والسكنى تلزمه النفقة على العبد ، والفرس ، والدار ; لأنه لا يمكنه الانتفاع إلا بعد بقاء الدين ، ولا يبقى عادة بدون النفقة فبعد ذلك لا يخلو إما أن تلزمه النفقة أو لا ، فإن لم تلزمه النفقة لا يمكن تنفيذ هذه الوصية ; لأنه لا يمكن إيجابها على الورثة ; لأن المؤنة لا تجب إلا على من له المنفعة ، والمنفعة للموصى له لا للورثة ، ولا يمكن الاستغلال بأن يستغل فينفق عليه من الغلة ; لأن الوصية لم تقع بالغلة ; ولأن الاستغلال يقع تبديلا للوصية ، وأنه لا يجوز فتعذر تنفيذ هذه الوصية ، وإن لزمه النفقة فكان هذا معاوضة معنى [ ص: 356 ] لا وصية ، ولا صدقة .
والجهالة تمنع صحة المعاوضة ، وهذا المعنى لا يوجد في الأعيان ، وفي الوصية لرجل بعينه ، وقيل : إن الوصية بظهر فرسه للمساكين ، أو في سبيل الله تبارك وتعالى فريعة مسألة الوقف ، أن عند رضي الله عنه لو جعل فرسه للمساكين وقفا في حال الحياة لا يجوز ، ولا تجوز الوصية به بعد الوفاة . أبي حنيفة
وعندهما لو جعله وقفا في حال حياته جاز فكذا إذا أوصى بعد وفاته ، وسواء كان الموصى به معلوما ، أو مجهولا فالوصية جائزة ; لأن هذه جهالة تمكن إزالتها من جهة الموصي ما دام حيا ، ومن جهة ورثته بعد موته فأشبهت جهالة المقر به في حال الإقرار ، وإنها لا تمنع صحة الإقرار ، بخلاف جهالة المقر له تمنع صحة الإقرار كذا جهالة الموصى له تمنع صحة الوصية أيضا .