( وأما ) على الصحة ؟ ( فأما ) في الثلث ، والعين المشار إليها فشرط ، حتى لو أوصى بثلث ماله ، وله مال عند كلام الوصية ، ثم هلك ، ثم مات الموصى بطلت الوصية . وجوده عند موت الموصي ، فهل هو شرط بقاء الوصية
وكذلك الوصية بما في البطن ، والضرع ، وبما على الظهر من الصوف ، واللبن ، والولد ، حتى لو مات الموصى بطلت الوصية إذا لم يكن ذلك موجودا وقت موته .
وأما في الوصية بالثمرة فليس بشرط استحسانا ، والقياس أن يكون شرطا ، ولا يشترط ذلك في الوصية بغلة الدار ، والعبد ، والحاصل أن جنس هذه الوصايا على أقسام بعضها يقع على الموجود وقت موت الموصي ، والذي يوجد بعد موته سواء ذكر الموصي في وصيته الأبد ، أو لم يذكر ، وهو الوصية بالغلة ، وسكنى الدار ، وخدمة العبد ، وبعضها يقع على الموجود قبل الموت ، ولا يقع على ما يحدث بعد موته سواء ذكر الأبد أو لم يذكر ، وهو الوصية بما في البطن ، والضرع ، وبما على الظهر ، فإن كان في بطنها ، ولد ، وفي ضرعها لبن ، وعلى ظهرها صوف وقت موت الموصي فالوصية جائزة ، وإلا فلا ، وفي بعضها إن ذكر لفظ الأبد يقع على الموجود ، والحادث ، وإن لم يذكر ، فإن كان موجودا وقت موت الموصي يقع على الموجود ، ولا يقع على الحادث ، وإن لم يكن موجودا فالقياس أن تبطل الوصية كما في الصوف ، والولد ، واللبن ، وفي الاستحسان لا تبطل ، وتقع على ما يحدث كما لو ذكر الأبد ، وهذه الوصية بثمرة البستان .
والشجر إنما كان كذلك ; لأن الوصية إنما تجوز فيما يجري فيه الإرث ، أو فيما يدخل تحت عقد من العقود في حالة الحياة ، والحادث من الولد ، وأخواته لا يجري فيه الإرث ، ولا يدخل تحت عقد من العقود فلا يدخل تحت الوصية ، بخلاف الغلة فإن له نظيرا في العقود ، وهو عقد المعاملة ، والإجارة ، .
وكذلك سكنى الدار ، وخدمة العبد يدخلان تحت عقد الإجارة ، والإعارة فكان لهما نظير في العقود .
وأما الوصية بثمرة البستان ، والشجر فلا شك أنها تقع عن الموجود وقت موت الموصي ، والحادث بعد موته إن ذكر الأبد ; لأن اسم الثمرة يقع على الموجود ، والحادث ، والحادث منها يحتمل الدخول تحت بعض العقود ، وهو عقد المعاملة ، والوقف ، فإذا ذكر الأبد يتناوله ، وإن لم يذكر الأبد ، فإن كان وقت موت [ ص: 355 ] الموصي ثمرة موجودة دخلت تحت الوصية ، ولا يدخل ما يحدث بعد الموت ، وإن لم يكن فالقياس أن لا يتناول ما يحدث ، وتبطل الوصية ، وفي الاستحسان يتناوله ، ولا تبطل الوصية .
( وجه ) القياس أن الثمرة بمنزلة الولد ، والصوف ، واللبن ، والوصية بشيء من ذلك لا يتناول الحادث كذا الثمرة .
( وجه ) الاستحسان أن الاسم يحتمل الحادث ، وفي حمل الوصية عليه تصحيح العقد ، ويمكن تصحيحه ; لأن له نظيرا من العقود ، وهو الوقف ، والمعاملة ، ولهذا لو نص على الأبد يتناوله ، بخلاف الولد ، والصوف ، واللبن ; لأنه عقد ما لا يحتمله فلم يكن ممكن التصحيح ، ولهذا لو نص على الأبد لا يتناول الحادث ، وههنا بخلافه ، ولو أوصى لرجل ببستانه يوم يموت ، وليس له يوم أوصى بستان ، ثم اشترى بستانا ، ثم مات فالوصية جائزة ; لأن الوصية بالمال إيجاب الملك عند الموت فيراعى وجود الموصى به وقت الموت .
ألا ترى أنه لو أوصى له بعين البستان ، وليس في ملكه البستان يوم الوصية ، ثم ملكه ، ثم مات صحت الوصية ، ولو ذكر قال : أوصيت لفلان بغلة بستاني ، ولا بستان له فاشترى بعد ذلك ذلك ومات - عليه الرحمة - أن الوصية جائزة ، وذكر في الأصل أنها غير جائزة . الكرخي
( وجه ) رواية الأصل أن قوله بستاني يقتضي وجود البستان للحال ، فإذا لم يوجد لم يصح .
( والصحيح ) ما ذكره ; لأن الوصية إيجاب الملك بعد الموت فيستدعي وجود الموصى به عند الموت لا وقت كلام الوصية ، ولو الكرخي فالوصية باطلة . أوصى لرجل بثلث غنمه فهلكت الغنم قبل موته ، أو لم يكن له غنم من الأصل فمات ولا غنم له
وكذلك العروض كلها ; لأن الوصية تمليك عند الموت ، ولا غنم له عند الموت ، فإن لم يكن له غنم وقت كلام الوصية ، ثم استفاد بعد ذلك ذكر في الأصل أن الوصية باطلة ; لأن قوله غنمي يقتضي غنما موجودة وقت الوصية كما قلنا في البستان .
وعلى رواية - رحمه الله - ينبغي أن يجوز لما ذكرنا في البستان . الكرخي
وكذلك لو فالوصية باطلة لما قلنا ، ولو لم يكن له غنم ، ولا حنطة ثم استفاد بعد ذلك ثم مات ، فهو على الروايتين اللتين ذكرناهما ، وبمثله لو قال : شاة من مالي أو قفيز حنطة من مالي ، وليس له غنم ، ولا حنطة فالوصية جائزة ، ويعطى قيمة الشاة ; لأنه لما أضاف إلى المال ، وعين الشاة لا توجد في المال علم أنه أراد به قدر مالية الشاة ، وهي قيمتها ، ولو قال أوصيت له بشاة من غنمي ، أو بقفيز من حنطتي ، ثم مات وليس له غنم ولا حنطة لم يذكر هذا الفصل في الكتاب ، واختلف المشايخ فيه قال بعضهم : لا تصح الوصية ; لأن الشاة اسم للصورة . أوصى بشاة ، ولم يقل من غنمي ، ولا من مالي فمات وليس له غنم
والمعنى جميعا إلا أنا حملنا هذا الاسم على المعنى في الفصل الأول بقرينة الإضافة إلى المال ، ولم توجد ههنا .
وقال بعضهم : يصح ; لأن الشاة إذا لم تكن موجودة في ماله فالظاهر أنه أراد به مالية الشاة تصحيحا لتصرفه فيعطى قيمة شاة ، وقد ذكر في السير الكبير مسألة تؤيد هذا القول ، وهي أن . الإمام إذا نفل سرية فقال : من قتل قتيلا فله جارية من السبايا
فإن كان في السبي جارية يعطى من قتل قتيلا ، وإن لم يكن في السبي جارية لا يعطى شيئا ، ولو فإنه يعطى من قتل قتيلا قدر مالية الجارية كذا ههنا . قال : من قتل قتيلا فله جارية ، ولم يقل من السبي