الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ولو ) فقأ رجل عينيه أو قطع يديه دفع إليه العبد ، وأخذ قيمته صحيحا فاشترى بها عبدا مكانه ; ; لأن فقء العينين ، وقطع اليدين بمنزلة استهلاكه إلا أنه مما يصلح خراجا بضمان ، فيضمن قيمته ، ويأخذه خراجا بضمانه ثم يفعل بالقيمة ما وصفنا ، وهو أن يشتري بها عبدا للخدمة .

                                                                                                                                ( ولو ) فقئت عينه أو قطعت يده أو شج موضحته ، فأدى القاتل أرش ذلك - فهذا على وجهين : إما أن كانت الجناية تنقص الخدمة ، وإما أن كانت لا تنقص ، فإن كانت تنقص ، فإن اتفق الموصى له بالرقبة ، والموصى له بالخدمة على أن يشتريا بالأرش عبدا بأن كان الأرش يبلغ قيمة عبد حتى يخدم الموصى له بالخدمة مع العبد الأول فعلا ذلك وجاز ( وإن ) اتفقا على أن يباع هذا العبد ، ويضم ثمنه إلى ذلك الأرش فاشتريا بهما عبدا آخر جاز أيضا ; لأن الجناية إذا كانت تنقص الخدمة كان لكل واحد منهما حق في ذلك الأرش ، فكان لهما أن يتفقا على أحد هذين الشيئين ( وإن ) اختلفا ، ولم يتفقا فلا يباع العبد الموصى به ; لأن لكل واحد منهما حقا ، فلا يباع إلا برضاهما ، ويشترى بالأرش عبد لخدمتهما حتى يقوم مقام الجزء الفائت ، فإن لم يؤخذ بالأرش عبد يوقف ذلك حتى يصطلحا عليه ، فإن اصطلحا على أن يقتسماه نصفين جاز ; لأن الحق لهما ، وإذا اقتسماه جاز ذلك ( وإن لم ) يصطلحا لا يقضي القاضي بشيء ولكن يوقف ذلك المال ، وإن كانت الجناية لا تنقص الخدمة فوصيته على حالها ، والأرش لصاحب الرقبة ; لأن الأرش بدل جزء من أجزاء الرقبة ، فيكون لمالك الرقبة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية